الرئيسية الصحةسراج قتلة بالقانون

قتلة بالقانون

بواسطة مجلة السودان
نشر اخر تحديث 646 مشاهدات

بقلم : محمد عامر عبيدي

تمر علينا ذكرى تسريبات سجن أبو غريب ، أو ما يعرف حاليّاً بسجن بغداد المركزي والذي يعتبر من أكثر السجون وحشيّة وارتكبت فيه أبشع التجاوزات بحق الإنسانية والبشرية من قبل القوات الأمريكية في العراق بحقِّ المواطنين العراقيين . حيث تم تسريب أكثر من ١٩٨ صورة أفصح عنها البنتاغون مطلع فبراير عام ٢٠١٦ .

اختلفت التعذيب في سجن أبو غريب فكان يتم التعذيب أحياناً بالصعق الكهربائي حيث تربط الأسلاك بلسان السجين وأعضائه التناسلية ويديه ويتم توصيل الكهرباء بجسده .

أيضا الضرب المبرح ، والإغتصاب والإعتداءات الجنسية بحق المساجين ، والإعتداء على السجين بالكلاب ، وتكديس المساجين وهم عراة . والكثير من أساليب التعذيب الوحشية جدا والتي تنفر منها النفس البشرية .

كما أن أبو غريب ليس السجن الوحيد الذي مُورست فيه شتّى أنواع التعذيب ، فمعتقلات جهاز الأمن السوداني في العهد البائد كانت تحتوي على أبشع صور التعذيب لدرجة الإستعانة بخبراء تعذيب إيرانيين وروس وغيرهم لدرجة جعلت معظم الخارجين من هذه المعتقلات يفقدون عقولهم بعد الخروج – هذا إن خرجوا أحياء أو سالمي الجسد – .

لكن يا عزيزي القارئ ما الذي يدفع حارس السجن لتعذيب شخص أعزل – والإستمتاع بذلك – وليس بينه خلاف أو أمر معه؟

دعني أحدثك يا عزيزي عن تجربة سجن ستانفورد التي أجريت بصدد الإجابة عن هذا السؤال .

في عام ١٩٧١ قام فريق من الباحثين بقيادة فيليب زيمباردو بتجربة للإستقصاء عن الآثار النفسية للأسْر على الحرّاس والمسجونين . حيث تم الإعلان عن التجربة في الصحف ، وكانت صفات المطلوبين للتجربة أن يكونوا شباباً في أتم صحتهم الجسدية والنفسية ، ليس لديهم ميول انتحارية وغيرها .

استجاب ٧٠ شخص للطلب ، وتم اختيار ٢٤ منهم حسب ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ. ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﻢ

ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺾ، ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، ﻭﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻃﻼﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ .

تم تقسيم المتطوعين عشوائيا لمجموعتين من الحرّاس والمساجين ، وتم إخبار الحراس أن السجن ينتمي إليهم ولهم مطلق الحرية بالتصرف ليضبطوا السجن ، وأن المشرفين سيراقبون فقط ولن يتدخلوا بتاتاً . تم اعتقال المجموعة التي مثلت دور السجناء وكان الاعتقال واقعياً ، حيث اعتقلوا من بيوتهم من قِبَل قسم شرطة حقيقي بتهمة السطو المسلح واقتيدوا إلى سجن ستانفورد الذي أقيمت فيه التجربة وانسحب أفراد الشرطة .

في الساعات الأولى وضع الحراس قواعد وضوابط السجن وأعطوا المساجين أرقاماً عِوَضاً عن أسمائهم الحقيقية. توالت الساعات وسرعان ما خرجت التجربة عن السيطرة إذ بدأ الحراس في تعذيب زملائهم وتقييدهم وضربهم بطريقة مبرحة بل وإجبارهم على تنظيف الحمام بأيديهم العارية غيرها من التصرفات الوحشية ، لدرجة جعلت زيمباردو يوقف التجربة بعد ستة أيام فقط من بدئها .

لكن ما خرجنا به هو تأثير السلطة على الإنسان وجعله كائناً متجرداً من إنسانيته وأحاسيسه بمجرد شعوره بأنه في موضع سلطة .

ولعل فهمنا لهذه التجربة يجعلنا نفهم لماذا يقوم بعض الأشخاص الذين يتم وضعهم في مكان سلطة بالتصرف وفقاً لما يؤذي غيرهم ، بل ويستمتعون أحياناً بذلك .

بل وأحياناً تمارس الحكومات التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان هذه التجاوزات ، وتشجعها ، فبعد تسريبات سجن أبو غريب تمت محاكمة أفراد الجيش الأمريكي المسؤولين عن السجن محاكمة صورية وكل المحاكمات تمت فقط على الجنود وأقصى عقوبة تمت معاقبتهم بها هي السجن لمدة ٧ سنين وخرجوا بعد ٧ أشهر فقط من المحاكمة .

أخيراً النفس البشرية تحوي مزيجاً من الخير والشر وقد حاولت الأديان والدعاوى الأخلاقية تقليل النزعات الشريرة في النفس البشرية ، لكن الكثيرين ينقادون وراء نزوات الشر ، فقد تجد موظف جهاز الأمن مثلاً وهو خارج من صلاة الفجر ويتحدث عن الإيمان وعمقه ونشر المحبة والسلام ، وهو قد خلع أظافر شاب جامعي بالأمس لأنه قال كلاماً لم يرضي أبناء الزعيم في الجامعة . وما قصة أبو ذر الغفاري المفقود حتى الآن عنكم ببعيد .

ختاماً ؛ شفى الله كل مريض وأعان كل مبتلىً

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...