قطعت كتابة مقالي حين سبقني صديقي فيلسوف سوداني بعنوانه الصاروخي (الإعلام وإدعاء الحيادية).
نعم وسائل الإعلام ليست محدوده ولا محصورة وليست حيادية، بل أفسدها التوجيه والحروب الشفهية المغلفة بالأضواء.
والمؤمرات المستمرة لصناعة الخبر وتوجيه الرأي العام بنظرية يطلق عليها (نظرية الحقنة تحت الجلد) كما تسمى في عالم التنمية البشرية.
إن مما يعانيه الصحفيون والإعلاميون تلك الطرق الممنهجة لقمع اقلامهم ومن ثم عقولهم، وكوني صحفية لا أنكر أنني لعبت دور (دمية الماريونيت) ولجمتني خيوط الممثلين عن حرية التعبير، خلال تجربتين سابقتين في مجتمعين مختلفين تماماً، لكن بعدها وجدت أن الفكر الإعلامي واحد.
أيها الفيلسوف الحذِق، اختيارك لهذا الموضوع يدعو للإعتراف بأن الإعلام سلاح وقع على أيادي جُهلاء، يعتقدون أنهم يتذاكون وماهرون في فن الخدعة، لكن الخدعة أصبحت مملة من كثرة تكرارها.
صحيح أن العالم العربي في هذا الوقت يعيش في حالة من الإهتزاز العنيف. لكن المُرضي في الأمر أن هذه الثورات والتقلبات هي نتيجة مضادة لتوجيه دام لزمن طويل، ضلل الفكر وشوه الوعي.
إمتلأ مقالك بالإستفهامات سيد مهدي، وسأجيبك…
- ج١-بنسبة هائلة الصحافة تدعي المصداقية رغم الأكاذيب الواضحة، وفي وجهها الحالي هي غير مؤهلة ولاتقوى نهائياً لتكون مرآة لمجتمعاتنا، وإن كان فهي مرآة ملطخة بطريقة مزعجة.
- ج٢-الإعلام مهنة متسعة جداً لكن جُنِي عليها وهي في طريقها إلى الثأر، من خلال شباب انتفضوا سياسياً وفكرياً ومحاربين بقوة لينالوا التغيير الإيجابي.
- ج٣-لسنا مع أحد ولسنا ضد أحد… القاعدة ركيكة ومخجلة كونها صدرت من فئة ينظر لها على أنها فئة مثقفة من الدرجة الأولى، وللأسف شوهها التوجيه.
أتفق مع واقعية وجود معضلة إعلامية تُدحرجنا نحو الهاوية، وللأسف بحسب استطلاع رأي سريع على فئة من الاعلاميين المخضرمين، أجريتها قبل أعوام في ذروة قهري من محاولات توجيهي، واتفقت آرائهم بنسبة كبيرة على أن الأمل شبه مفقود تجاه الإرتقاء بالرسالة الإعلامية ودورها في تنوير فكر المجتمع وتطويره.
بل ووصفوا ردة فعلي ضد التوجيه على أنها محض حماس وإندفاع البدايات!
فيلسوف سوداني فرصة الحديث عن حالة الاعلام اليوم تركت لي مساحة للحديث عن مجلة السودان والمبدأ الذي تبنته وسلكته وحرصها على ألا تُصنف. وصدقاً لا أخفيك حاولنا تفادي موقف الأحكام الجائرة منذ بداياتنا وحتى الان، وإن حدث وصنفنا يكفينا أننا وفرنا فضاءً شاسع يسع جميع الأفكار والتوجهات، وفي طريقنا لإتساع أكبر وأكبر وللباحث منا مسؤولية تبني أو تجاوز ما يُطرح وتشكيل فكره بإنتقائية، لأن تغيير المجتمع يبدأ من الفرد.
ومهما بَدا القصور من الإعلام؛ أما للعاقل منا حرية الاختيار؟