عزاء

 

كنت أقف عند باب غرفتها، المكان محاط برائحة غريبة “أنا أكره المستشفيات” هكذا تردد في نفسي لعله أكثر شئ مثير للسخرية إذ أنني طبيبه، و لكن في تلك اللحظات لم أستطع أن أكون أي شئ سوى طفلة مدللة لوالدتها أشعر برغبة في البكاء، مازالت الرائحة الغريبة تلف المكان أظن أنها رائحة….
قاطع كل أفكاري صرخه واحدة كبيرة و أنا أعني أنها كبيرة حقاً؛ صرخة تحمل في طياتها رنة الفاجعة، سقطت على رُكبتاي و بعدها أصبح كل شيء ضبابي.
إستيقظت هكذا فقط و خلال لحظات لأجد كل البيت يلتفح السواد حتى جدران منزلنا في ذلك اليوم إلتفحت ثوب الخراب و ظللت نفسها، كل شيء حزين و باهت كل شيء يفتقدها.
هنا قمت و هرعت من مكاني علني كنت أحلم أنا لم أفقدها إنها إحدى مزحات لينا السقيمه، رحت أركض نحوها فوجئت بكم هائل من الرؤوس السوداء و لكن لم أعبء لها، رحت أهتف في صوتٍ أرهقه التعب
-لينا يا لينا ماما وين؟!
لست ادري لماذا راحت تنتحب أعني إنها مزحة لماذا البكاء قلت في نفسي و انا أبتسم في سخرية النصر
-شوف دي قايلة روحها غشتني
إلا إنني لم أكمل حواري مع نفسي حتي أفاجأ بأحدهم يحتضنني؛ كانت جارتنا نفيسة و أخذت تنتحب بصوت مزعج، أبعدتها عني بعنف و رحت أدور في المنزل و لا أردد سوى كلمة
-أمي… أمي
لم أجدها بحثت عنها حتى تحت الأسرة، رحت أدور في إنزعاج و أصرخ
-ماما وين أمي وين يا جماعه أمي وين؟!
لم تأتيني إجابة سوى صوت جهور
-إتصبري ي أختي قولي إستغفر الله
هنا علمت إنها ليست مزحة و إنها الفاجعة بعينها، إلتفت ببطئ و أنا أحتضن نفسي كي لا أنهمر، رحت أنظر في مقلتيه و كلما إقتربت منه بانت الدموع على وجنتيه أكثر صرت أرتجف أكثر، أقتربت أكثر إلى أن وصلت إليه، سألته بطفولية لم أعهدها حتى في نفسي
-عُمر هو ماما ماتت؟!
هنا سالت دموعه و إنهمرت أنا سقطت بين ذراعية و انا أبكي إحتضنني و إحتوى إنهماري الا أن صوتي كان أكبر من أن يكتم، وجعي أكبر من الا أصرخ، إمتلا المكان بتهدجهم و إستغفارهم، كان هذا آخر ما سمعت و رحت في غيبوبة صغيرة حملتني من وجعٍ إلى وجع.
مر اليومان بصعوبة كبيرة و كان هذا آخر يوم في عزائها و أولى أيام فقدها، مازال الجرح طفلاً ينمو و جرح يربو على جرح و لا أمامي سوى أن أردد أذكاري فقط ليطمئن قلبي.
أخذ النساء يترددن علينا لعلها شفقة فنحن الآن يتامى بلا والدٍ و لا أُم و كم هو احساس قاسي ، كنت أقف عند باب غرفتها لا لشئ و لكن لأشتم رائحتها لأشعر بقربها، سرحت بناظري على مكان تجمع جاراتنا لا يبدو عليهن الحزن لماذا يا ترى؟! رائحة عطورهن مزعجه تملأ المكان بكل شئ إلا هيبة حزن فقدها، أخرجني من افكاري إحدى النسوة و هي تقول لإحدى جاراتنا
– اصبري كدي خلينا نشرب شاهيهم الشين دا زاتو مسيخ لا طعم لا نغم.
لست ادري ماذا حدث أو كيف وصلت بقربها، كل الذي حدث أن ضربت يدها بعنف و رحت أصرخ، عصفت بهم و صرخت صرخة كبيرة اخرجت فيها جل حزني
– أطلعوا برااا اطلعوا براا الماتت دي امي دي ماما، الماتت دي ماما ارحموني، ارحمونا.
و غرقت في نوبة نحيب و أخذت اضرب في صدري بعنف و اصرخ بكلمات لعلهم فهموا بعضها و لم يفهموا البعض الآخر، أصررت على طردهم جميعاً حتى آخر مدعي للعزاء.
ضممت أختي و أخي بقوة، إنتحبنا وجعنا ثلاثتنا و فقدنا الأعظم؛ فقدنا لعماد بيتنا. أخذت لينا تسبح و راح عمر يستغفر وأنا في نفسي أردد كيف لكسرنا أن ينجبر كيف لنا أن نكتمل و قد فقدنا كلنا !

ريان النور

Related posts

حبابها السمحة حبابها يمه،، حبابها الكتار صحباتها

حلم التخرج

عام الورق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...