ما الذي نتحدث عنه هنا؟ الأخلاق؟ الاختيار؟ عشوائية الحياة؟ الجماليات؟ القتل؟
لماذا لا تتخذ القرار و تبدأ بمعالجة الأمور بيدك بدلاً من التذمر من كل أمر يقف في طريقك ..؟!
طال الزمن منذ آخر مرة كتبت فيها و رغم المحاولات بين الحين و الآخر إلا أنني وجدت نفسي لا أستطيع أن أكتب حتي سطراً واحداً راضياً عن كل كلماته معاً … أرى كلماته متنافرة تبغض بعضها بعض و حتى حروف الكلمة نفسها تأبى الانسجام و عندما شاهدت هذا الفلم لا أقول أنه حرر أفكاري و لكنه كان يتحدث عن بعض أفكاري ، يتشارك معي تلك الاستفهامات الكثيرة ، فهذا العمل سخي جداً بالإستفهامات الفلسفيه منذ بدايته يجعل فضولك الجائع للأسئلة يستيقظ كفضول طفل صغير ، ثم إنه لا يطعمك بأي إجابة ولا تستطيع وحدك أن ترضى عن إجابتك إن وجدتها..
أستاذ الفلسفه ( آيب لوكس ) الذي قام بدوره ( خواكين فينيكس) المثير للجدل الذي أنتقل للتدريس بكلية ( بريلين) خلال المخيم الصيفي ، شخصيه غريبة الأطوار، لا يبالي بالحياة ولا يحمل لها أدنى شغف ، خامد كسطح القمر ، يحتسي الكحول طوال الوقت يرى أن حياته بلا معنى ، أصيب بإكتئاب حاد بعد أن تركته زوجته و قتل صديقه بالعراق ، و لكنه كاتب بارع يستطيع تغليف كل موضوع بكلماته كما قالت طالبته ( جيل) التي قامت بدورها ( إيما ستون).
” لماذا يحب الناس الحياة ..؟
هل الحياة هي ذاك الشيء المبهج ..؟
و هل لحياتك معنى ؟ لأنه كما يقول : ” الوجوديون لا يبحثون عن أمر ما فحسب ، بل ماذا يعني لك هذا الأمر أنت ”
يرى أنه من الممل عدم وجود معنى لوجودنا اليومي في الحياة .. مستاء من الواقع و يصفه بأنه مقرف ، لما فيه من الجشع و الكذب و القتل و انعدام الأخلاق ، يحاول أثناء محاضراته أن يسخر من الفلسفه نفسها لأن ما بالكتب يختلف عن الواقع، و يذكر مراراً عالم الفلسفه ( كانط) و عالمه الأخلاقي الذي لا مكان للكذب فيه و أن أصغر كذبة تهدمه بالكامل .
يجعلك تتساءل هل تعيش لأجل شيء ما أم أنك تمارس هوايه الالهاء مع نفسك لتشغلها عن هذا الواقع المريض.
وصل لمرحلة لم يستطع الكتابه و أصيب بأرق حاد ، يعرف الكثير عن الصدفه و الحظ و يرى أننا تحت رحمة الصدفه ، ثم بالصدفه وجد المعنى الذي يفتقده و يعيده للحياة ، المعنى الذي به تصبح لديه الحياة، قرار جعله يشعر بإنسانيته ، بل بالحياة بكل سرورها و بهجتها ، أن ينتقل من الكلام و الفلسفه الى الفعل المباشر أن يحدث التغير ولو تغير ضئيل و لكن له معنى.
بعدها يمكنك أن ترى كيف يمكن للإنسان أن يكون خاطيء حول اتخاذ قرار ما ..و كيف أنه يمكنك أن تفعل أي شيء و أي شيء تفعله بالتأكيد سيحدث تغير و لو ضئيل سيجعل العالم أسوأ أو أجمل، و سوف يهوي بك في بئر من الظلام و الشر أو يسمو بك الى عالم من الجمال و السرور ، أو بإختيارك يمكنك أن تختار ألا تفعل أي شيء و تعيش هذا الواقع المقرف و تسب و تتذمر و لن يتغير شيء ، بإرادتك و بقرارك و بحرية إختيارك تحدث التغير !..
الفلم مادة دسمه مثير للتساؤلات و النقاش العميق ، عن الحياة و حرية إختياراتنا و عن الصدف التي تغير في حياتنا الكثير.
« ليس عليك أن تناقش كل مسأله تقابلك و ليس عليك أن تتفحص كل أمر و تدقق فيه ، فقط عليك التصرف على طبيعتك … ولا تقف و تراقب الوضع و تضيع وقتك في الكليشيهات التقليديه »
الفلم من إخراج و تأليف ( وودي آلن) و بطولة خواكين فينيكس و إيما ستون .
هل شعرت بالإحباط من عملك؟
هل سألت نفسك ماذا يعني هذا؟ ..