سكة الخطر

هل ماضيك يجعلك منبوذا من مجتمع أصبح غارق في سكة الخطر ، فالمجتمع الذي لا يقبل توبة التائب تجعله مصدرا لسكة خطر جديدة ويساعد في اندماجه مع الجريمة مرة أخرى وسلكه لتلك السكة من جديد.

نقل لنا هذا العمل الدرامي التاريخي الراسخ في أذهان الشعب السوداني بأكمله ، البيئة السودانية وكيفية تعايش المجتمع مع من لهم سوابق وكيفية الحكم عليهم وعلى ماضيهم وعدم تقبلهم للاندماج معهم فيجعل ذلك من كان لهم سكة خطر في خطر أكبر يجعلهم ضائعين في دوامة المجتمع والماضي.

فالحبكة التي أدارها المخرج الفذ “فاروق سليمان” من إثارة وتشويق وتوظيفه للشخصيات بشكل درامي فريد جعلت هذا العمل عالق في أذهان الشعب السوداني إلى زمننا هذا ، لقد انتشرت أسماء بعض الشخصيات لتصبح ألقاب للناس في الأحياء فلقد انتشر اسم “كرناف” و ” عرقلة” و “ضبة” في الشارع العام بكثرة جدا في تلك الفترة التي تم عرض المسلسل فيها عام 1997م.

وقد كان الأطفال في المدارس والشبان ينشدون تلك الأهازيج “سكة الخطر ، ضبة ما كتل ، دا كلو من كرناف ، وعرقلة الخواف ” دائما مع بعضهم البعض.

من نجاحات هذا العمل أنه تم عرضه في قنوات غير سودانية كقناة جيبوتي وقناة تشاد والقناة الأثيوبية ، فلقد جعل مؤلف هذا العمل الكاتب والسينارست أمين محمد أحمد عمل تلفزيوني فريد فالحقيقة التي لا تذكر دائما أن هذا العمل التلفزيوني كان في البداية عمل إذاعي وعرض في منتصف التسعينات.

لقد شكل العمل الدرامي وجدان الشعب السوداني بريفه وثروته الحيوانية وقطاطيه المنتشرة في أطرافه ويتنقل بين أرجاء السودان المختلفة من الغرب في الأبيض، إلى الشرق في القضارف، ويعكس الإرث الجغرافي والمناخي بها إذ يصور المراعي والبراري ويعكس بعمق عبق الثقافة السودانية، فاللهجات المختلفة من الغرابية للأدروبية للشمالية والمسميات الشرقاوية والرعي والهمبتة وغيرها ، فنسمع تلك الجملة التي قالتها “النخيل” ل “ضبة” (جبتلك المي من الدونكي) أي بما معنى جبت ليك الموية من البير .

لقد شارك في نثر هذا الإبداع الجمالي الدرامي مجموعة من الدراميين الذي لهم بصمة واضحة في التاريخ الفني السوداني كبطل العمل “حاكم سلمان وعوض صديق ، عبدالحكيم الطاهر ، سمية عبداللطيف ، محمد خيري ، رابحة محمد محمود ،  زكية محمد عبدالله ، سيد صوصل ، سموأل حسن ،  ومحمد عبد الرحيم.

ما زلت في تساؤلاتي أين نحن الآن من عبق ماضينا الجميل الزائل حاليا بدون أسباب واضحة ، فحتى دراماتنا والفن السوداني أصبح في سكة خطر لا نعرف متى الخروج منها وكيفية التحرر من السكون الموجود فيه.

 

Related posts

السينما الإيرانية ما بين مطرقة ضعف الإمكانيات وسندان القيود الرقابية

قراءة في ترشيحات أوسكار 2022

مسلسل تشيرنوبل

6 تعليقات

ضحى 2020-09-28 - 11:12 مساءً
حتى التمثيل كان فيو بساطة عجيية وعدم تكلف واضح...عموما كان مسلسل اكتر من رائع ومستعده احضرو كل مره يعرض فيها المسلسل..التحية لكل الممثليين القديرين النجحو بتفوق وجدارة على انتاج تحفة فنية ستظل للابد عالقة في اذهاننا
سيف الدين موسى 2020-09-30 - 3:50 صباحًا
تسلمي أستاذه ضحى على المرور، سكة الخطر سيظل علامة فارقه في تاريخ الدراما السودانية
ابو موسى محمد 2020-09-28 - 7:42 مساءً
ياسلام ده كان مسلسل من الزمن الجميل.. للاسف العمل الدرامى عندنا اصبح فى منحنى تنازلى بعد مجموعه من الاعمال الناجحه
سيف الدين موسى 2020-09-30 - 3:47 صباحًا
نتمنى ذلك أستاذ محمد،نتمنى عودة العصر الذهبي للدراما السودانية واثرائنا بأعمال تظل خالده كنظرائها السابقات
محمد عبدالوهاب 2020-09-27 - 10:25 صباحًا
كلام جميل والله لكن العمل السينمائي ده ماشفتو
سيف الدين موسى 2020-09-28 - 5:04 صباحًا
اتمنى منك أستاذ محمد مشاهده هذا العمل الدرامي الشيق ولن تندم..تحياتي لك
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...