تحابوا و تعايشوا

من القلب

احمد غازي

بسم الله، الحق، العدل، الجبار، الستار، الغفورُ،الرحيم.

هكذا اخترت أن تكون بدايتي بهذه المساحة التي أملُك ولا أملُك، مُستعيناً ببعض أسماء الله الحُسنى مُقتبساً معانيها لتكُن ساساً تقفُ عليه هذه المساحة، مُعاهداً ربي و نفسي ثم أنتم، على أن يكون (الحقُ) غايةً وسيلتها (العدل) فيما نكتُب، والإحسان إلى الناس و (جبر خواطرهُم) من أسمى ما نُنادي به، متجاوزين ما بينهم وبين ربهم الذي (سترهُم)، مسامحين كل من أساء لنا يوماً و (رحيمين) في انتقادنا وخلافنا، فهذا هو واجبُ الإعلام، و ما يستحقه المُتلقي في كل وقتٍ ومكان.

مؤمناً بأن البدايةَ دوماً تبدأُ من هُنا، باستغلال مثل هذه المنصات التي نتبادلُ فيها الأفكار بإمكاننا أن نغرس بذرةً طيبة تنمو مع الأيام و من ثم نحصد ما زرعنا من ثمار، نتشاركُ معاً حلاوتها و جمال مذاقها.

خصوصاً و أننا شعب ولد من رحم الإختلاف، تجدنا مختلفون في أشكالنا و ألواننا، في لهجاتنا، في عاداتنا و تقاليدنا و حتى في أسلوب حياتنا، وبالنسبة لي أرى هذا الأمر من أميز الأشياء التي تجعلني أعتز بنفسي كوني (سوداني).

لكن علينا أن نتفوق على أنفسنا بتقبلنا لبعضنا البعض و أن نتعايش مع هذا الإختلاف الذي يُكملنا، ناكرين للفتنةِ، للكراهية والعنصرية.

فنحنُ في هذه الرُقعة الطاهرة بمختلف أركانها، اتجاهاتها و لهجاتها إن بحثنا فيما بيننا ستجدنا نلتقي في (جداً) أو (جدة)، إخوةً في العرق و الدم و أبناء عمومة.

و أحمد الله أن هذا الجيل يحمل من الوعي ما يجعله يتجاوز كل هذه (السقطات الإجتماعية)، و يعبر بمجتمعنا لعقلية متقدمة و فهم أرقى، يفوق في مداه كل الحدود.

كما علينا الصبر على اخانا و إن كان مُخطئاً، وإعانته على الحق ولو بعد حين، وإن الصبر على إخوتنا جعلني أعود بنفسي لقصة حدثت في عهد رسول الله (ص).

فبعد غزوة بدر أُسرَ الصحابي الجليل (سُهيل بن عمرو) والذي كان في الجاهليةِ خطيباً له في المجالس رأياً و مكانة، ولطالما خطب في الناس ضد الإسلام والرسول (ص).

فسأل (عُمر بن الخطاب) النبي صلى الله عليه وسلم أن يَنزع (ثِنتيه) حتى لا يقوم عليه خطيباً، فرد النبي :

  ” دعهُ يا عُمر ، لعلهُ يقفُ يوماً موقفاً يَسُرك “!

لم يُخيب (سُهيلاً) ظن النبي صلى الله عليه وسلم، يوم خطب في الناس ضد الفتنة و الردة التي حدثت بعد وفاته، حين قاطع أحد من نادوا في الناس بالردةِ قائلاً له :

بئس النصيحة و ما جئت به ، وصعد للناس يخطبُ فيهم قائلاً : يا أهل مكة أين عهد الله و ميثاقُه ؟!

أفلا يكفيكُم من الفوتِ ما ضيعتُم قبل إسلامكُم ؟!

وهل كان مُحمداً إلا بشراً، رسولا، أدى الأمانةَ ونصح الأمة و تركها على المحجةِ الواضحة.

” و أشهدكُم عليها و شهدَ بها عليكمُ لتكونوا شُهداءَ على الناسِ من بعده “.

فكيف يكونُ الدينَ للناسِ كافةً إذا كان ينقضي بانقضاء أجل النبي صلوات الله عليه ؟!

فوالله ليبلُغَن أقصى المشرق و المغرب، فلا يفتنَّنكُم عن دينكُم قوماً مَرضوا على النفاق، ألا إنَ أقربكُم لرسول الله : (أوفَاكُم لذمته، و أحفظكُم لدينه و أمضاكُم على سُنته)

فالله الله في أنفسكُم !

لقد غيرت هذه الخُطبة التي لم تجد حقها في التاريخ الإسلامي مجرى الأمور، و أنقذت الإسلام و المسلمين من إنشقاق عظيم.

لذلك علينا أن نعود للقرآن فهو دستور حياة يُقينا كل ما جاءت به الأيام من تفاصيل لا تُرضي الله و رسوله، و أن نعود لقصص الصحابة أيضاً و نستعين بها.

و أن نتخذ من ( مكارم الأخلاق ) إسلوب حياةً فيما بيننا، يحفظنا و يحفظ بلادنا من كُل سوء، فهذه الأرض التي امتلأت جداولها بمياه النيل، لا تستحق أن تُروى بدماء أبنائها و بناتها.

علينا أن نبدأ من اليوم، و نكتب تاريخاً جديد، فيه تقبل الأخر من الأولويات و ليكُن إحترامه و تقبُل أفكاره بصدرٍ رحب وإن اختلفنا عليها هو من أسمى سبُل التعايش و البقاء.

أحبوا بعضكُم بعضاً ، واعتصموا بحبل الله واتحدوا.

لعلنا نعبر، لعلنا نبني وطناً يستحقنا و نستحقه، و طناً يسعنا بكُل الحُب و التقدير.

لكم ودي و تقديري، و إلي أن نلتقي.

Related posts

أمدرمان

المرأة 

لله درك يا أحمد زكي

8 تعليقات

maab esmaeel 2020-06-19 - 3:51 مساءً
بدايه جميله جدا جدا ربنا يووفك ودائما كلامك كلو حكمه كما عهدناك❤️❤️
محمد عوض 2020-06-19 - 6:41 صباحًا
ماشاء الله تبارك الله ،بالتوفيق دائماا والى الأمام ،كانت خير بداية. ????
احمد الاسكندرفنون 2020-06-19 - 5:40 صباحًا
الشجرة التي ارتوت من خلال جزورها الضاربة في ارض هذا الوطن تأبى اقصانها الا ان تثمر ثمراً طيباً شكراً لتلك الكلمات هي بثابة الثمار التي ولدت من رحم هذه الامة بتلكم الثورة الشجاعة ناشدين التغيير رافضين العنصرية المحسوبية الجهوية الفساد اكتبوا عن حقيقة الاسلام لن يخذلكم ابدا
علوش 2020-06-18 - 11:28 مساءً
اللهم صل علي محمد وعلي آله وصحبه وسلم تعهدناك دائما مكتملا ككمال القمر وان تكون كهذا بداية فهو والله اجمل ما قراءت من بلاغة ونحو و ومقدمة وموضوع ثم خاتمة مع رصانة وبساطة في الأداء فأنت الملهم .. فأني اري فيك املا كبير كأسلام عمر حين قال صلوات الله وسلامه عليه اللهم اعز الاسلام بأحد العمرين .. وعسي الله أن يبلغك مسعاك ودمتم عزا وفخرا
فدوى احمد عبدالرحمن 2020-06-19 - 1:39 صباحًا
نشكرك على الدعم المعنوي .. سعداء بزيارتك
محمد عجيب 2020-06-18 - 9:59 مساءً
حقيقه كانت البدايه جميلة جدا وبنفس المعنى (من القلب) تحياتي لك ومزيد من التقدم والازدهار
فدوى احمد عبدالرحمن 2020-06-19 - 1:42 صباحًا
نشكرك على الدعم المعنوي .. سعداء بزيارتك
Hala 2020-06-27 - 9:12 صباحًا
البداية قوية وموفقة..وما اجمل ان تبدا باسماء الله ????..المحتوى جميل وسلس والنهاية فائدة قيمة موفق باذن الله.
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...