رأيت وجهها، تبسمت في إنتظار ما سيخرج من فمها فهي حبيبة قلبي وصديقة عمري، بدأت تتحدث… تنكر لي وجهها… كل جملة كانت تطمس ملامحها أكثر حتي صارت صورة باهتة لم أعد اعرف من وما هي. تحدثت وهي وتتلفت يمنة ويسرة، قالت أشياء كثيرة معظمها أسرار تخصني أودعتها قلبها قبل أذنيها، وبعضها تحليل جادت به قريحتها عني، وفوق كل هذا قليل من الأشياء التي لا أساس لها من الصحة ولكنها بهار ومنكهات للحديث.
-أوقفيه
طلبت من جارتي إيقاف الفيديو الذي كانت ترينيه من جوالها.
-هل صدقتي الآن؟
نظرت إليها لأرد ولكن نظرة الإنتصار في عينيها ألجمتني، اي لذة هذه التي يحسها الإنسان عند تحطيم غيره؟ اي نوع من المخلوقات هذا الذي تخنقه حبال العلاقات الجميلة وتحرقه مدفأة الحب التي أوقدها إثنين.
أردت المغادرة، لم يعد هناك اكسجين ببيتها، أمسكت يدي وهي تقول
– عليك متابعة الفيديو حتي النهاية ل….
ركزت عيني علي يدها التي تمسك معصمي لم أسمع بقية جملتها، ظللت أنظر الي تلك اليد كأني أري يد إنسان لأول مرة وحقيقة لم أكن ارها، كنت أشعر بالدوار، صدري منطبق علي نفسه يفتقد الهواء، الارض تحت قدمي لا احسها و جسدي يسبح في الهواء كأنه قذف من بناية عالية. أزحت يدها في هدوء وغادرت إلي شقتي المجاورة لها، سرت لا أحس للأرض جاذبية و لا أعرف لمساري إتجاها. كيف وصلت لشقتي لا ادري ولكن ما إن أغلقت الباب حتي خارت قواي وذاب جسدي متكوما أرضا، ماهي الدنيا؟؟
سألت نفسي…
سلام علي الدنيا إن لم يكن بها
صديقا صدوقا صادق الوعد منصفا
حرفا حرفا نزل بيت الشعر هذا علي رأسي، صدقا ماهي الدنيا إن لم تجد فيها قلبا تستند إليه من عثرات الحياة ،قلبا يسمعك قبل أن تتحدث، يحسك قبل أن تجتمع الألف إلي الهاء وتخرج آه من صدرك، قلبا يضخ الدماء في جسدك عندما يجف النبع لديك وتتملص الحياة من أطرافك.
رغم اني الآن في بيتي ولي أطفال وحياة احبها، الا ان صديقتي كانت بيتي الأول، بيتي الذي أختبئ فيه إن طاردتني المصائب ودثاري الذي أتوشحه من صقيع الحياة.
كيف لصداقة سنوات أن تتلاشي… من أين أتيت أيها الزمن بهذه القدرة العجيبة؟!! ما بال من كانت صديقتي؟؟ هي فقط صديقتي لا يربطنا مال ولا رجال… أجد لها عذرا!! من أين؟؟ أي عذر يبيح لها ذبح عشرين عاما؟؟ هل بلغت النصاب علاقتنا وآن ميعاد زكاتها؟ أهي غيرة؟ هل هو خوف من قيل وقال ومقارنات البشر؟ هل هي خارطة طريق لترسم لشخص بعينه كيف يفكر؟ أم هي لوحة تريد أن تكون فيها الأجمل بتشويه ملامح من يقف إلي جوارها؟؟!!!
إن كان حالي تبدل للأفضل فأنا هي أنا لم أتبدل أبدا، وإن كان الله أغرقني بنعمه فأنا لم أغتر ولم أتغير.
قلبي لا يعرف الكراهية ولا النفاق ولكني لا أريد أن أخوض في تفاصيل و الملم المزيد من الزجاج المكسور، أخشي أن يجرحني أكثر، وأخاف عليها من لحظة ذل أو إنكسار ، ما رحمني الله ولم يحدثه أمامي فليبق بعيدا عني.
هناك أشياء عندما تخرج منك تأخذ معها الحياة وتصنع منك شبحا مفرغا من الإحساس تعيش بعدها مهزوما ينتظر صافرة الحكم. الإنسان لا يموت فقط بخروج الروح فخروج الحياة أقسي وسكراته عذاب مستمر.
1 تعليق