في قديم الزمان حكت أسطورة يونانية عن مخلوق شكله عبارة عن خليط ما بين الأسد والماعز وتنين ينفث النار، والتي استوحي منها إسم هذه الحالة.
الكايميرا-chimerism هو المسمى العلمي لهذه الصفة، والتي من الممكن حدوثها بأكثر من طريقة، كمثال أثناء الحمل بتوأم أخوي إذا حدث موت لأحد الأجنة في وقت مبكر يقوم الجنين الآخر بإمتصاص خلايا الذي مات مما يتسبب في حدوث هذه الحالة النادرة، وأيضاً من الممكن حدوثها بعد عمليات زرع نخاع العظم، وعلى نطاق أصغر اثناء الحمل الطبيعي وسنرى كل حالة من هذه الحالات بالتفصيل.
أثبتت الدراسات أنه في بعض الأحيان في حالة حمل الأم بتوأم اخوي وفقدان واحد منهم، من الممكن أن يقوم الجنين الاخر بإمتصاص بعض خلايا الجنين المتوفى وينتهي الأمر بالطفل حاملاً مجموعتين مختلفتين من الحمض النووي DNA.
تحكي قصة حقيقية عن والد قام بعمل فحص لتاكيد الأبوة، ولكن نتيجة الفحص أكدت أنه عم الطفل وليس والده، لاحقاً أظهرت الدراسات أن الوالد يحمل حمض نووي في لعابه مختلف تماماً عن ما في سائله المنوي، مما يؤكد أنه كايميرا، وكتفسير لهذه الحالة كما ذكرت مسبقاً توصلوا لمعرفة انه قام بإمتصاص جزء من خلايا توأمه عندما كان جنيناً.
قصة أخرى تحكي فيها أم أنه اتضح انها ليست الأم البيولوجية لأبنائها، ليتضح لاحقاً أن الحمض النووي في دمها مختلف عن الحمض النووي في المبيضين.
بما أن نسبة خسارة جنين في حالة الحمل بتوأم اخوي 21٪ – 30٪ فمن المحتمل أن عدداً كبيراً من الناس كايميرا وهم لا يدرون ذلك بما فيهم أنت!!
كما ذكرت مسبقاً فمن الممكن أيضاً حدوث هذه الحالة بعد عمليات زرع نخاع العظم، النخاع العظمي هو عبارة عن نسيج موجود داخل عظامنا ومسؤول عن صناعة خلايا الدم “حمراء، بيضاء، صفائح دموية”، في حالة زراعة النخاع العظمي يقوم الأطباء بإستخدام العلاج الكيميائي أو الإشعاعي لتدمير كل خلايا نخاع العظام المريضة ثم يتم إستبدالها بنخاع صحي جديد من المتبرع، حيث يقوم النخاع الجديد بإنتاج خلايا دم جديدة وهي تحتوي على الحمض النووي للمتبرع، في هذه الحالة تكون كل خلايا دم المتلقي حاملة لحمض المتبرع النووي فقط، ولكن في بعض الحالات إذا لم يتم تدمير جميع خلايا المتلقي من الممكن أن يحتوي دمه علي خليط من خلاياه وخلايا دم المتبرع، أي أنه سيحمل نوعين مختلفين من الحمض النووي.
في تسعينيات القرن الماضي إكتشف العلماء أن المرأة الحامل من الممكن أن تحتفظ ببعض من الحمض النووي لطفلها إذا هاجرت خلاياه وهو جنين خارج الرحم، وتمت تسمية هذه الحالة بإسم “تذكار الحمل”.
وفي محاولاتهم لإثبات هذا الإكتشاف أجروا إختبارات على أمهات أولاد بنية البحث على كروموسوم Y، والذي يكون موجوداً عند الذكور فقط، في واحدة من هذه الإختبارات قاموا بتحليل أنسجة 26 أم توفت أثناء حملها بصبي أو بعد ولادته، وفعلاً وجدوا تراكيز منخفضة من كروموسوم Y، وفي دراسة أخرى أيضا علي انسجة أدمغة أمهات صبيان، كان كروموسوم Y موجوداً في 63% منهن، من ضمنهن أم عمرها 94 عاما مما يشير إلى أن “تذكار الحمل” يمكن أن يستمر لفترة طويلة.
الكايميرا في الحقيقة لا تمثل خطورة علي نسبة كبيرة ممن يحملونها ويكونون أصحاء تماماً ولا تبدوا عليهم أي اعراض، ولكن في بعض الحالات يكون الأمر جلياً منذ الصغر، وتكمن الخطورة في وجود جهازين مناعيين مختلفين تماماً داخل الجسم، وكلاهما يعتبر الآخر جسم غريب ويهاجمه.
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom