عانت بلادنا منذ الاستقلال من التشاكس والتناحر بين الأقطاب والتيارات السياسية فلم تنعم بإستقرار منذ خروج الاستعمار،، فكانت الدوائر الشريرة محنة الانقلابات العسكرية ثم تتبعهما فترة ديمقراطية ثم انقلاب عسكري وهكذا دواليك.
الثنائيات المملة وغير المتجانسة المسماة شراكة بين العسكر والمدنيين لم تحقق نجاحآ يذكر وكان آخرها بعد نجاح ثورة ديسمبر فقد قامت شراكه بين العسكريين والمدنيين انتهت بتغول العسكريين وانقلابهم علي المدنيين وأدخالهم السجون والانفراد بالحكم.
هناك عدة عوامل ساهمت في فشل التجربة أبرزها شعور الطرف العسكري بأنه الاقوي وانه الوصي علي الشعب وان المدنيين ليسوا منتخبين ولا يحق لهم الاستيراد بالقرار والتدخل في قرارات يعتبرها الجيش من صميم صلاحياته ومتاح له التدخل متي ما استدعت الضرورة لذلك بحكم قوانين القوات المسلحة.
الأمر الآخر هو الارتباطات الايدلوجية لبعض قادة الجيش مع نظام الحركة الإسلامية الذي عمل علي زرعه عناصره داخل الجيش طوال الثلاثين عاما الماضية وايضا ارتباط المؤسسه العسكرية وشركاتها وامبراطوريتها التجارية بعلاقة وثيقة مع مؤسسات مالية تتبع للنظام السابق . لذا سرعان ما اصدر قائد الجيش بعد انقلابه في ال٢٥ من أكتوبر قرارا بتجميد عمل لجنه إزالة التمكين التي استطاعت أن تفكك جزءآ من الأخطبوط المالي والتجاري للحركة الإسلامية.
عوامل الفشل الأخري للتجارب الديمقراطية في السودان هو فشل النخب السياسية في الاتفاق علي المصلحه العليا للبلاد ، فالمعلوم ان الأحزاب السياسية طوال تاريخها الطويل تقدم مصالحها علي المصلحه العامة وتحاول تمكين أفرادها داخل مؤسسات الدولة كما فعل حزب المؤتمر الوطني الذراع السياسي لتنظيم الإخوان الذي اعترف رئيسه المخلوع بأنهم قاموا بذرع عناصرهم في جميع مؤسسات الدوله والجيش والأمن.
ثنائية اليمين واليسار تعتبر أيضا المهدد الاشرس للتوافق الوطني فالعداء المستفحل بين القطبين المتشاكسين يجعلان من الصعب الخروج برؤية وطنية جامعه تضع حدآ للفشل الذريع الذي منيت به الدولة السودانية طوال تاريخها الطويل فكل منهم يري الآخر شيطانآ رجيمآ محاولآ اقصاءه من المشهد السياسي.
لن تقم لبلادنا قائمه حتي يعلم كل منا دوره بالقوات المسلحه عليها ان تعي واجباتها جيدآ وتنأي بنفسها عن السياسه ،، وعلي القوي المدنية والأحزاب السياسية الإحساس بالمسؤولية وتنحية الخلافات السياسية الايدلوجية ونبذ خطاب الكراهية والإقصاء والجلوس إلي طاولة حوار تطرح فيها جميع الإشكالات ونقاط الخلاف للخروج برؤية موحده عن كيف تحكم الدولة وليس من يحكمها.
والاتفاق علي نظام الحكم ووضع دستور دائم والاتفاق علي هوية الدولة فمن شأن ذلك النهوض بالبلاد والخروج بها إلي بر الأمان