يبدو أن القاهرة تمر بأصعب أوقاتها مع تصاعد الغضب الشعبي الرهيب تجاه الرئيس السيسي فيما يتعلق بملف سد النهضة ، فالسيسي منذ توليه الحكم سارع بتطمين الشارع المصري بأن السد لن يكون مشكلة بالنسبة لمصر وشعبها ولن يؤثر على حصة مصر في مياه النيل ، ووقع اتفاقيات مع أثيوبيا فتحت الباب لإنفرادها بإصدار القرارات بصورة أغضبت مصر وحلفائها ، ومع موقف السودان الواضح من السد كما قال وزير الخارجية المكلف قمر الدين : بأن السد يمثل للسودان فائدة إستراتيجية كبرى من حيث ضمان عدم فيضان النيل الأزرق و إتلاف الأراضي و المحاصيل ، و من ناحية اخرى الحصول على كهرباء رخيصة وبالتالي حصول السودان على حصته المهدرة من الماء والتي تقارب الـ ١٨.٥ مليار متر مكعب من المياه ، كانت تأخذها مصر لنفسها طوال الستين عاما الماضية جراء بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي.
ايضاً من الأحداث التي تؤكد توتر القاهرة ومرورها بأزمة حقيقية هي الزيارة المفاجئة لوزير المخابرات المصرية عباس كامل لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مكتبه الثلاثاء الماضي مباشرة دون المرور على مكتب رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان ، فهذا يعني أن مصر تبحث عن توافق سوداني مع موقفها وتغيير رؤية الوزراء بالري و الخارجية و إبدال وجهات نظرهم وبالتالي تصريحاتهم وبالتالي موقف السودان ككل جراء ملء سد النهضة.
السؤال الأبرز ماذا يحمل الوزير في جعبته ليُغير من رأي الحكومة السودانية ؟
فمصر التي تحتل منذ العام ١٩٩٥م أرضاً سودانية و ترفض حتى محاولة الذهاب للتحكيم الدولي ، ما فعلته مصر إحتلال وتعتبر حلايب وشلاتين مناطق مُحتلة بحسب المقاييس الدولية ؛ وهي كذلك أول من تنكس عن اتفاقية إمداد السودان بالكهرباء من السد العالي بعد أن أغرقت منطقة حلفا القديمة كلها من أجل قيامه .
مصر مازالت هي الدولة التي يحظى مواطنوها بكامل الحريات الأربعة في السودان بينما لا تلتزم او توفر هي أي حرية للسودانيين هنالك على أرضها.
بعيداً عن المكاسب السياسية قصيرة المدى ، هل سيكون حمدوك على مستوى الفطنة والدبلوماسية و يستقل هذا الوضع من أجل إسترداد الحقوق السودانية الضائعة؟ في ظل إستمرار إثيوبيا و إصرارها على ملء بحيرة السد دون اكتراث بالمطالبات أو الاعتراضات المصرية .