الرد الطبيعي الذي يخطر في بالك الآن لهذا السؤال .. هو من أجل التحول الديموقراطي الطبيعي للسلطة وحماية الثورة السودانية العظيمة من الانقلابيين والحكم الشمولي !!
فاصل تعريفي تحليلي … !
قبل التعمق في الموضوع والأحداث التي تحدث الآن من التشظي السياسي والشروع في التخوين قبل الإدراك .. يجيب علينا معرفة كلمة ديموقراطية وأصلها ومعناها الحقيقي !!
الديموقراطية هي في الأساس كلمة يونانية مشتقة من كلمتين ديموس (الشعب) كراتوس (الحكم) .. بمعني حكم الشعب .. كان هدفها الأساسي في ذلك الوقت إقصاء حكم الملوك والنبلاء الطبقة (الأرستقراطية) والرجوع إلي حكم الكثره بدل الاقليه الأرستقراطية المتعجرفه.
منذ ذلك الوقت تطورت مفاهيم الشعب وأصبح لديه طابع سياسي جديد وأصحبت من أعظم مطالبه هي المشاركه في الحكم لقيادة بلادهم بعيداً عن النخب والملوك والنبلاء .. فتم على ذلك تأسيس النظام الديموقراطي وفق جماعات ذات طابع عقائدي تحمل رؤية مختلفة عن بعضها لقيادة البلاد.
النظام الديموقراطي مره بمراحل عديده حتى أصبح له أهداف أساسية في القرن العشرين.
- توفر الحقوق والحريات .. وهي حرية التعبير الفردي وتقبل الرأي والرأي الاخر .. وحرية التنظيم سوا كانوا جماعات أهلية او حزبية أو عقائديه او فلسفية .. من أهمها الحريات المدنية والحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية والحقوق الثقافية والحقوق الفكرية وغيرها.
- التداول السلمي للسلطه بين أفراد الشعب المختلفة من الجماعات .. وذلك عن طريق إنتخابات يشارك فيها جميع أفراد الشعب .. ولكن يجب ان تكون متكررة علي فترات زمنية محددة حسب الدستور المتفق عليه.
- الفصل بين السلطات .. السلطه التشريعيه التي تشرع القوانين حسب المجتمع ومتطلباته .. والسلطة القضائية التي تضع القوانين بناءً علي تشريع السلطة التشريعية .. والسلطة التنفيذيه … ويمنع منعًا باتًا سيطرة السلطة التنفيذية علي القضاء والسلطة التشريعية وإلا سيتم إسقاط الحصانة عنها .. وأخيرًا السلطة الحاكمة التي تحكم بالقانون الذي يتمثل في رئيس الوزراء.
- حكم القانون وفي مفهومه الاساسي ان يسري علي الكل دون حيادية لبناء دولة القانون التي يهتف بها الشعب !
اما في السودان الذي يهتف بالديموقراطية منذ فجر الاستقلال .. هنالك معضلة في الحقيقة وهي اننا ندور حول الحلقه الشريره كما تم تسميتها !!
وهي أن تبدأ حكومة ديموقراطية منتخبه ثم يخلفها أنقلاب عسكري يتم أدلجته من جماعات حزبيه مخالفه … ثم يأتي عليها إنقلاب أيضاً تم أدلجته من جماعة أخرى تحفر لتلك الجماعة .. وهكذا يستمر السيناريو في حلقه مفرغة !!
فمن أهم الأسباب التي منعت التحول الديموقراطي الطبيعي في السودان
كل التحولات الديموقراطية في السودان ترافقت مع الحروب الاهلية .. ففي عام 54 عند بداية تجهيز السودان للحكم الوطني الديموقراطي اندلعت الحرب في سنة 55 وبسببها تم الانقلاب العسكري عام 58 بقيادة عبود .. وبرغم ذلك تم استرداد الديمقراطية عام 64 على أكتاف حرب اهلية اخرى في الجنوب بقيادة نميري ثم تلاه البشير فيإنقلاب 89 علي التحول الديموقراطي المنشود !!
بمعني ان الشعب يريد ان يحكم ديموقراطيًا ولكن من لديه القوى من الشعب هو الذي يسيطر فيحكم .. إذا حكم شعبوي ولكن يقوده من بيده السلاح !!
ولذلك تجد المنظومة العسكرية سابقًا كانت ترى أنها علي حق ولها الشرعية في الحكم بحجة أنها تقاتل من اجل الشعب .. وانها من ضمن الشعب .. ولكن هذا الحكم ضمن حكم الاستقراطية .. التي تعد ضمن حكم الاقليه التي تعارض تطلعات الشعب وإرادته .. وبسبب هذا العبث تم إنشاء الديموقراطية من اجله سابقاً .. إذا ليس هنالك ديموقراطية لحكم العسكر فهم الاقلية الاستقراطية !!
لذلك إذا أردنا انتقال سلمي حقيقي .. لابد ان يتم التحول الديموقراطي والسلام في عملية واحده وفي وقت واحد .. لعدم الإتاحة للأقلية التي تحمل السلاح بتقويض التحول والعودة الي الانقلابات بحجة الحرب ونحن الاقوى.
الشعب السوداني أثبت انه يستحق الديموقراطية بسبب العددية التي تخرج بعيداً عن الاجهزة الاستقراطية القليلة !!
ويأتي هنا دور النخب السياسية او المجتمعية في قيادة هذا ألكم الهائل من الشباب المتعطش نحو التحول الديموقراطي !!
ولكن للاسف وجدنا تلك النخب الحزبية تتكالب علي بعضها البعض وترسم طريق تنبل ارستقراطي .. وتدعي الافضلية وهذا ما تم رفضه في الماضي البعيد وما قامت من اجله الديموقراطية .. ومن هنا ينهدم التحول الديموقراطي المزعوم بوجود أحزاب سياسية داخل الحكومه الانتقالية !!
ففي البدايات سعى الكثيرون .. ليكونوا واجهة للثوره السودانية العظيمة !!
لكن الواقع كشف زيفهم وتدليسهم فصاروا الآن عبره !
١–التجمع المهني
٢–قوى الحرية والتغير
٣–كوادر الأحزاب
٤–الحركة الاسلاموية
فمن يسعى لذلك عليه ضبط البوصلة بإتجاه الوطن بعيداً عن المصالح الشخصية أو الحزبية وإلا كان السقوط مدويًا !!
الان هم يعيشون نفس التطلعات .. ويتمسكون بشعار الشعب يريد (لا تفاوض ولا شرعية لا استسلام) !! كأنهم يتناسون أن السياسه أساسها الحوار .. ورغم ذلك لا يملكون الحل .. ينتقدون فقط .. وإن بحثت عن قدراتهم وإمكانياتهم .. فلن تجد إلا الخواء و التشظي.
ليس كل المعادلات تحل بنفس المعطيات .. فكل معادله لديها معطياتها .. وكل وطن لديه معطياته الخاصه لحل معادلاته السياسيه !!
لذلك كان الحل الصعب هو ما حدث في 25 لإرجاع البوصلة لمكانها الطبيعي وهي إقصاء الأحزاب من الحكومه الانتقالية.
وكان هذا من ضمن المطالب الثوريه .. وهو إنشاء حكومة كفاءات مستقله غير حزبيه للسلطة التنفيذية .. والاهم من ذلك يجب الشروع في تكملة السلام وإعطاء كل الحركات والادارات الاهليه مناصب تشريفية وهي إدخالهم في المجلس السيادي .. والمهم أيضاً تشكيل سلطة تشريعية بها جميع طوائف الشعب السوداني.
يتتبع …