الفكر الشبابي هو القوة المحركة لمستقبل المجتمع .. بل ولمستقبل البشرية ككل !!
لا أعني بالشباب الجيل شرطاً .. فبعض الطاعنين في السن هم شباب في تفكيرهم وتأثيرهم في مجتمعهم أكثر تقدماً وفاعلية ورؤية مستقبلية من الجيل الشاب !!
لا أسرار هنا .. بل مدى جاهزية الشاب السوداني ليتخلص مما نشأ عليه من خرافات مؤدلجة وعادات وتقاليد واعراف مغلقه لاتخدم وسياسات خاطئة تضلل وعنصرية تفرق .. ورغم كل ذلك يعتقد بأنه يملك الحقيقة الوحيدة والنهائية .. فيضع نفسه وعقله داخل حلقة مفرغة من العلاقة والحداثة مع الواقع الإنساني بكل أبعاده !!
الفكر الشبابي المتحرر الفعال هو أمل العالم نحو التغير السليم .. (الفعال .. وليس المنفعل أو الثائر بلا وعي) هو الفرصة الأبدية لسعادة البشرية وتحقيق مطالبها بعقلنة !!
المتحرر من أجندة القبلية وعاداتها وتقاليدها وعقائدها ومصالحها العنصرية سواء كانت عرقية أو فكرية أو حزبية يمينية أو يسارية أو عاطفية !!
فكل ما ذكرت كفيل ان يرسم خطوط العداء لكل من يخالف فكرهم .. فالفكر ليس محكوم عليه أن يكون محجوراً عليهم .. وان لا يكون له أطراف تغيره إلا بهم .. فثوابتهم التي وضعوها لا تقبل النقد ويجب أن يتم أدلجة عقول الشباب على أفكارهم ورؤياهم وأنهم يعلمون مصلحة الشباب قبل الشباب أنفهم !!
بعيداً عن اللاءات الثلاثة .. التي يرددها الشباب الان مع بعض من يريدون كسبهم والاصطفاف معهم .. للاسف الحل هوالحوار والتفاوض وعدم إقصاء كل المكونات السودانية وتحقيق السلام .. والباب ظل مفتوح أمامهم .. حتى بعد ذهاب دكتور عبدالله حمدوك مع كل مبادراته .. كانت قوى الميثاق الوطني الشق الذي يسمونه شق الانقلابيون يدعون إلي التوافق الوطني وتوسيع دائرة المشاركه والجلوس على الطاولة المستديرة التي لا تقصي أحد لحل الازمة بالحوار .. حتى يصلون إلي إتفاق شبه مرضي من أجل الوطن بعيدًا عن المصالح الحزبية والمحسوبية .. حتى إذا كان الحل في تغير الأوجه في المنظومة العسكرية كحد أدنى وأولي .. ولكن شعار لا تفاوض لا مساومة لا شراكه هو شعار فضفاض غير بناء يفرق ويضلل ويهدم وليس له مكتسبات إلا الكراسي من جانب الشق (أ) على أعتبار انهم يقفون مع الشارع وما يقوله !! وهل كل ما يقال في الشارع يخدم وطن !!
للاسف الشباب الثائر وإعلان الحرية المجلس المركزي ليس لديهما رؤية لقيادة البلاد .. ينادون بالمدنية .. ولكن المدنية لا تأتي إلا عن طريق الانتخابات .. أم ان المدنيه في نظرهم هي إلتفاف الاحزاب داخل الحكومه الانتقالية متفردين بالسلطة إلي آجلًا غيرمسمى !!
لذلك تجدنا ندور بنفس الدائرة المغلقة الخبيثة .. لأننا نجابة مشاكلنا بنفس الحلول والعقليات القديمة !!
المهم والأهم ومن الأخر .. السودان لا يصلح أن تقام فيه حكومة انتقالية مدنية كاملة الدسم خاليه من العسكر .. لابد منالشراكه مع المنظومة العسكرية شئنا أم أبينا بعيداً عن الأحزاب والحركات داخل الحكومة التنفيذية ليكونا على مقربه منالبرلمان ومجلس السياده فقط !!
وأن تكون الحكومة الانتقالية زمنها الافتراضي عامين لا أكثر ولا أقل !!
اخيراً .. التعنت السياسي هو الدعوة إلي المجهول بجهل ولا يخدم التحول الديمقراطي المنشود .. فلن يقام ولن يتم إلا بالوفاق الوطني الشامل والتراضي !! .. اما العناد والإقصاء والتخوين يفتح ثغرات نحن في غنى عنها !!
الان الحركة الاسلامية فرحين بما تم إنجازه من تصعيد وفتح الثغرات أمامهم يعد هدف من أهدفها .. فهم ينحتون منذالسقوط الأول !!
لذلك نجد بعض الشباب السوداني ليس لديه رؤية او نظره استيعابية تحليلية .. ولكن لديه نظره تصنيفية سريعة .. قال كذا تابع لكذا .. فيجعل من نفسه في دائرة القطيع دون علمه .. وانه مجرد بوق يتحدث بما لا يدري إرضاء للآخرين !!
والتصنيفات الموجودة في عقولهم المؤدلجة (كوز شيوعي علماني قحاتي لاعق البوت)
كل شخص يستعجل في التصنيف .. أنصحه ان يراجع نفسه وفكره وعقله ويراجع معطيات المشهد بحيادية !!
فليست كل الأطروحات والأفكار والرؤيا إذا اتفقت في بعض النقاط مع بعض من يطرحها .. فهذا يدل انك تابع ومحصور عليهم وتأييد باقي طرحهم .. قد نتفق في حقائق .. و قد نختلف في ما نجده يخدم مصالح و أجندة !!
فلابد أن نحترم ان هنالك وجهات نظر مختلفه يمكن ان تتفق مع البعض او تختلف مع بعضهم ولكن الاهم ان لا نجعل الامور بيننا تصنيفية تخوينية وان ننحاز لما فيه مصلحة وطنيه !!
هنالك أغلبية اتفقت أن ما حدث في ال25 من أكتوبر أنه إنقلاب عسكري من أجل السلطه متناسين البند السابع والسادس للأمم المتحدة الذي أقفل هذا الباب .. ورغم أنه قبل ذلك الوقت كان الشعب يرفض حكم الاربعة أحزاب ويطالب بإبعادهم منالحكومة التنفيذية والرجوع الي مطالب الثورة ورغم ذلك نجد من يؤيدون حكومة قحت في ذلك الوقت .. عندما تقول هذاالكلام يتم تصنيفك كوز .. ولكن هنالك فرق .. الحركة الاسلامية هدفها الرجوع للسلطة ونحن هدفنا الوطن والتحول الديمقراطي وعدم سيطرة مجموعة معينة لمقاليد الحكم وإقصاء الاخرين !!
وانا من الأشخاص الذين يقفون في صف مخالف لوجهات النظر المطروحه في الشارع ومن قبل قوى الحريه والتغيرالاعلان المركزي .. ان ما حدث هو تصحيح لمسار الثوره والرجوع الي مطالبها الاساسية المشروعة .. فلقد خرجات مواكب عديده مطالبين بإقصاء الاحزاب من الحكومه التنفيذية وتشكيل حكومة تنفيذية مستقله تكنوقراط بقيادة دكتور عبدالله حمدوك .. و حدث ما حدث واتي حمدوك لحقن الدماء من الاطراف التي تريد التصعيد بالدم لانه كان يثق ويعتقد انالشباب سيلتفون حوله دعماً وتأييداً .. ولكن لم يحدث ما كان في اعتقاده .. ولم يتم الإتفاق عليه وعلى إتفاقه الذي وقعه بين برهان.
يبقى التعويل على الشباب الذين لم يدعموا هذا الإتفاق وانحازوا دون علم مع مجوعة الاربعة أحزاب وطرحها .. التي كان يرفضها الشارع ولكن اصبحوا الان في صف واحد ضد حمدوك واتفاقه مع برهان !! ذهب حمدوك لأن وطن به تشظي في القوى والمكونات وعدم الإتفاق في ما بينهم وأساليب الحفر لن يحدث فارق ولن يكون هنالك جديد .. فلقد كانت هنالك مبادرات منه ومن قوى الميثاق الوطني التي تم إقصاؤها في حكومة قحت .. رغم ذلك ظلت تدعوا تلك الاحزاب الي التوافق والحوار من أجل الوطن !!
أما الشباب وتلك الاحزاب الجدلية التي تخدم مصالحها الحزبيه .. لا يعلمون أن بهذا الفعل يفتحون ثغره لرجوع الحركه الاسلامية بكامل عتادها !!
فتصعيد الدم كان أكثره من الحركه السلامية وكل من له هدف في إبعاد برهان وحميدتي وقتلهم سياسياً كما حدث في فض الاعتصام ولم ينجحوا فيه !!
فحقيقة القتل الذي يحدث الان ليس في مصلحة برهان ولا حميدتي اذا تدبرنا .. يبقى السؤال في مصلحة من يصب !!؟
التصعيد بالدم هو أبشع أنواع التصعيد لزيادة عدد الرافضين والمعارضين .. فكل شخص يتم قتله لديه أصدقاء مقربين سيخرجون وله عائله صغيره وعائله كبيره وجيران فكلهم سيخرجون من اجله غير القبيله التي ينتمي إليها .. تصعيد الدم تصعيد ساحق جدا وفتاك .. الان الحركه الاسلامية تنجح في ذلك وتغضب الشارع وتعمي بصيرته غضباً !!
اما الاحزاب فهي انتهازية سنجدها تتاجر بهذا الدم .. فإنها فرصه للمزايدة وجلب أكبر عدد من المقاعد بحجه أنها هي والشعب في صف واحد !!
هذا الوطن لن يحدث به تحول ديمقراطي ان لم نتوحد من أجله بعيداً عن المصالح الحزبيه والشخصيه .. عبر الحوار والوفاق الوطني الشامل والتفاوض هو حل المعضله .. اما الان المعارضه من اجل المعارضه هي مزايدة لإزهاق الارواح فقط لا غير.. من يريد الحل عليه بمبادرات تدعو الي التوحد وعدم تخوين بعضنا البعض عرقاً وفكراً والاستفادة من التعددية الثقافية التي بحوزتنا !!
معلومة .. الجيش قديماً وحديثاً لا يبادر بفعل إلا عن طريق شخص مدني أو حزب مدني مقنع .. يوضح له وضع الازمه وحجمها وماتؤول اليه البلاد .. وحمدوك كان المدني الذي بادر أن الأحزاب التي معه لا يستطيع العمل معها .. فمن ابسط البسايط مجلس تشريعي لم يتم تشكيله بسبب عدم الوفاق السياسي وأساليب الاقصاء لباقي الاحزاب والحركات !!
طرح حمدوك بالعوده إلي مطالب الثوره .. وجد قبول من بعض المكونات الوطنية والسياسيه الاخرى .. فمن الطبيعي الجيش ينحاز من اجل الوطن !!
ما يحتاجه الوطن الان هو الإتحاد والتوافق والحوار والتفاوض بين جميع المكونات الوطنية مع شراكه جديده مع المنظومة العسكرية .. والأهم من ذلك تغير الوجوه الموجودة لإرضاء الشارع !!
رساله لكل من يستهين بالحركة الإسلامية .. هم يخططون على المدى البعيد سوا كانوا في الحكم او تم إسقاطهم اوإقصائهم .. فهنالك الف خطة في جعبتهم تمكنهم من الرجوع .. أما فتح الثغرات أمامهم .. تجعلهم يتصدرون المشهد بكل قوى وعتاد فتلك فرصة تأتيهم مقدمة على طبق من ذهب .. فيشرعون إلي أقصى طرق التصعيد وأبشعها !!
في الأخر هم يعرفون كيف يلعبون على عقليات وعاطفة الشعب السوداني و أدلجته .. حتى إذا تطور الشعب في فكره وإرتفعت سقوف مطالبه .. تجدهم يرفعون سقف التعامل الفكري والمنطقي لتتماشى مع أحتياجات وأفكار هذا الشعب لإرجاعهم إلي دائرة القطيع من جديد !!
أجل إنهم الاخبث وأكثرهم مكراً .. الان مخططاتهم قد بلغت قمة ذروتها فقد تم قتل حميدتي سياسياً وبرهان سياسياً وإقصاء حمدوك و إفشال الإتفاق .. والان أصبح هنالك أرضية مشتركة بينهم وبين الشارع !!
فما على الأحزاب إلا الطاعه و الولاء او تسلح نفسها وتنضم إلي صف الحركات !!
اخيراً .. إذا لم نكن نحن الصحفيين .. في الصف النضالي الأول .. بأقلامنا ونشاطنا الميداني .. وحريصين على قيمة كلمتنا .. وقوة موقفنا .. ومصداقيتنا .. فهذا يعني أن صفتنا كصحفيين مصابة بالقصور والنقص في المضمون !!
إن صمت الصحفي هي خيانة لذاته الثقافية ولعقله !!
ما يجري داخل هذا الوطن يشبه المذبحة السياسية والثقافية .. أجل زراعة الوهم لدى الثوار بانهم أصبحوا لا يقهرون .. ونضالهم قد وصل إلى قمة لا سابق لها .. هي مذبحة لأولئك الثوار ولمستقبلهم .. ولثقافتنا بمجملها !!
للأسف هذا ما يرتكبه بعض المتنشطين ثقافيًا وسياسيًا .. تحت صياغات تحمل أسم نشر الحماس الثوري مع فقدها لمضمون النقد وكيف تدار الأمور وما هي الرؤية من اجل الوصول !!