مهم جداً الحديث عن الممنوع والمرغوب في الحياة اليومية والهدف من الرغبة والمنع في حد ذاتها، ونظرة البعض إلى كلا الأمرين، فإستقبال الناس للمرغوب بصدر رحب يقابله اختلاف وجدل كبير حول ما هو ممنوع، لأن صناعة الأخلاق في وقتنا الحاضر تحتاج إلى معرفة ذلك والتفريق بينهم، أقول صناعة… لأن كل شيء أصبح مصطنع، حتى الأخلاق والصفات وجمال الأسلوب والعادات، الأشياء التي تتغير مع توالي الأجيال واختلاف الزمان والمكان اضافة إلى التغييرات المُصطنعة.
مجموعة التغيرات هذه قد تنتج عنها أفعال وتصرفات أخلاقية وغير أخلاقية، تبقى الأولى في حكم المرغوب فيه وتُلقي بالثانية ضمن الممنوعات، فالطبيعي أن كل ما هو جميل ومُميز يكون مرغوباً، وكل ما هو قبيح وغير أخلاقي يظل ممنوعاً، كما يوجد المكروه المتفق عليه مجتمعياً والذي تختلف فيه الأراء والأحكام حتى وأن فعله البعض من خلف الستار لكنه يبقى ممنوع أمام الناس والمجتمع بحكم العادات والتقاليد.
دائماً ما تكون التفاصيل الظاهرة هي الداعمة للحكم على الأفعال والتصرفات، فهناك الممنوع بالشرع والدين وهذا لا جدال عليه، وهناك الممنوع بالعادات والتقاليد الموروثة، وهذا ما تكثر حوله الآراء والإختلافات نظراً ً لتغير المفاهيم وتجدد الحياة وتطورها في كل المجالات.
قوانين المجتمع والناس تبين لك ما هو ممنوع وما هو مرغوب وحتى ما هو مكروه، والمكروه مجتمعياً تتباين حوله الأختلافات من الرأي والرأي الآخر لأنه لا تحكمه قوانين شرعية قاطعة لذلك يبقى الجدال عليه كثيراً، فأن كان شيء متفق عليه أصبح ضمن العادات والتقاليد المجتمعية، فقانون المجتمع يمنع التصرفات الغير أخلاقية الواضحة العيان للجميع، والتي لا يرضاها أحد في نفسه أولاً دعك من أن تمس أسرته أو أهله بشيء منها.
الأفعال والتصرفات التي تدخل في حكم الممنوع أو المكروه ولكن يفعلها البعض من خلف الكواليس وعدم إظهارها أمام الناس، هؤلاء أفضل من غيرهم فمن ستره الله لا يجب أن يفضحه أحد، لأن هناك من يفعلها أمام الناس وللأسف متباهياً ومتفاخراً بها كنوع من أنواع فرد العضلات وإثبات الرجولة، وثقافة كل مجتمع تعتمد على البيئة المحيطة به مع اختلاف ذلك من منطقة إلى أخرى، ولكن يظل انسان المجتمع الشرقي بصورة عامة في محاولات دائمة للظهور في أفضل صورة توضح المثالية وممارسة مبدأ الفضيلة في كل جوانب الحياة، فذلك يُحتم علينا السيطرة على مشاعرنا وتصرفاتنا فثقافة كل واحد منا جزء لا يتجزأ من المجتمع.
الإنسان بطبيعته يفعل بعض التصرفات تحت مسمى حب الإستطلاع أي من باب العلم بالشئ فكل لوحة او ملاحظة مكتوب عليها “ممنوع الدخول، ممنوع الاقتراب والتصوير، ممنوع الوقوف، ممنوع المرور” حتى وإن عمل بها وتجنبها تجد في نفسه بعض من الأسئلة والتعليقات التي تبحث عن سبب المنع، فالإنسان بطبيعته كائن متمرد يُحب التعرف على الأشياء الممنوعة واقتناءها بمثابة تحدي للسلطة والجهة المسؤولة عن هذا القرار.
تحدي الأشخاص فيما بينهم والتفاخر باختراق القوانين واللوائح يعتبر جزءً من الفضول لمعرفة أسباب المنع، وبما أن سبب المنع مجهول تجد حب الاستطلاع والفضول، ويبقى الممنوع مرغوب بطبيعته إلى حين معرفة أسباب المنع.
ورقة أخيرة
أفعالنا الجميلة تبقى في النور وأمام الناس ليراها الجميع، والقبيح والغير أخلاقي منها نفعله في الظلام ونخفيه لذلك يبقى ممنوع من العرض، ولكن لنعيش حياة متوازنة يجب علينا فك القيود وفهم القصور في الظواهر الاجتماعية عامةً ، وفي المقابل لابد من أسر الظواهر السالبة والحد منها لنجعل المسموح على قدر الممنوع لنوازن بين ما نستحوذ وما نترك.