رُبّما تكون هذه العبارة صحيحة إلى حدِ بعيد إذ أن كثيراً من الذين يعانون من التعاسة ويسعدون غيرهم بطريقة أو بأخرى ربما لأنهم لا يريدون أن يري الآخرون على وجوههم التعاسة لذا يحاولون بقدر الإمكان أن يصنعوا لغيرهم الفرح فمثلاً ؛ نجد أن كثير من الأطباء تخصصوا في مجال معين دون غيره بسبب معاناة عزيز لديهم أو لرغبة في الحصول على التخصص أو أنهم عاشروا في حياتهم العلم وتقربوا منه، فالتخصص في مجال بعينه عند الأطباء تكون دوافعه كثيرة والتي تأتي في مقدمتها الرغبة كما في المجالات الأخرى.
نجد كذلك أن رجال الأعمال وخاصة الذين كونوا أنفسهم أو كما نسميهم عصاميين قد عانوا في صغرهم من الفقر لذا كافحوا واجتهدوا في جمع الثروات ونجاح المشروعات حتى أصبحوا أغنياء لكي يوفروا لأنفسهم ولأبنائهم وأهلهم مستوى معيشياً أفضل من الذي عاشوا فيه هم، وهكذا فالأمثلة كثيرة فهنالك الشعراء والكتاب الذين يهبون الناس أجمل أنواع السعادة المعنوية والتي تشكل مواساة لكل إنسان وتعبر عن فرحه وحزنه وكثيراً من الناس لا يجيدون التعبير عما بداخلهم فيعبر عنهم الشاعر والكاتب بكلمات تشابه الحالة التي يعيشونها لذلك نجد أن كل لحظة عند مستمعي الغناء تواكب وتتقارب مع حالة المستمع لفنان ما، أو أنهم يقرؤون رواية لكاتب وأديب تعبر عن حياتهم بشكل أفضل.
لذا فإن الإبداع الذي يأتي في شكل عمل أدبي أو فني يكون مردوده أوسع لأن أثره يستمر أكثر من الإبداع المادي لأن الكلمة تبقى جميلة مهما مر عليها الزمن ، فنجد أن الشخص المُبدع والمجتهد في إبداعه يُكِن الوّد لمن تعلم منهم الإبداع ويُكن لنفسه الحُب والإعجاب بالذات فالكريم لا يبخل بذكر فضل أصحاب الأفضال والحفاظ على حقوقهم الأدبية دون تخطيها أو تجاوزها.
نجد أيضا أن صاحب ثمار الإبداع يفتخر دائماً بالإنجاز الذي أرهقته الحياة في نيله والحصول عليه، فالمعاناة التي تولد الإبداع هي تجاوز للصعاب وتحدي المحن وتكرار المحاولات تقود إلى النجاحات الباهرة… فما أجمل الإحساس بعظمة النجاح الذي يأتي بعد المعاناة.