تمهيد:
تعتبر قصة تاجوج والمحلق من نوادر القصص السودانية، التي لا تقل أهمية عن قصص قيس وليلى، وجميل بثينة، وعنترة وعبلة، وروميو وجوليت في قصص العشق.
ويرجع أصل تاريخ قبيلتهم الحمران إلى اليمن السعيد بعد هجرتهم من حضرموت اليمنية إلى سواكن، واستوطنت في أرض التاكة بالقرب من مدينة كسلا بشرق السودان الحبيب.
و تاجوج هي بنت الشيخ محمد بن علي بن محلق بن محمد بن علي التي دوت أخبارها في أكثر الآفاق وتناقل الناس حديث جمالها. فتقدم المحلق إلى والدته يطلب منها أن تخطبها له من خاله، فامتثلت الأم وطلبت من أخيها ابنته ” تاجوج ” لأبنها المحلق، فرضي الخال ولكن بعد أن طلب مهراً غالياً من ابن أخيه فاستعان المحلق بوالده وأوجده لأصهاره، وكل عاشق لا يعوقه غلاء المهر وتم القران.
عاشت تاجوج تحت سقف الزوجية يرفرف فوقهما ملاك الحب المتبادل، وكانا أسعد زوجين عرفتهما أرض القبيلة. لكن حبه المتقد لها كان عثرة لحياتهما، فأكثر من المدح فيها وتناقل الشعر في محاسنها، حتى أشعل غيرة الفتيان، فما كان من أحد أبناء عمومته، يقال له النور بن اللمم، إلا أن جاءه ونهره في ذكره زوجته في أشعاره حتى صارت غناء الفرد والجماعة ومضغة لأفواه تلوكها الألسن وعرف اسمها ووصفها القاصي والداني.
المحلّق ود علي هو شاعر سوداني عاش في منتصف القرن الثامن عشر كتب بالعامية السودانية، من فرسان قبيلة الحمران وهي قبيلة عربية من نجد والحجاز تعيش في أقصى شرق السودان، عند تخوم أثيوبيا وأريتريا، وتنتشر حول ضفاف نهر ستيت والفلوات المحيطة به، وعاصمتهم مدينة ود الحليو. والحمران قوم أهل رعي وزراعة وتجارة ولهم معرفة بأعمال الفروسية والصيد.
النشأة والميلاد:
نشأ وترعرع المحلق بقرية عناتر التي تقع في شمال ديار الحمران بشرق السودان، واشتهر بهيامه ببنت خاله وزوجته لاحقًا تاجوج بنت محمد ود علي الهاكين أحد زعماء قبيلة الحمران، ونظم فيها جل شعره، إن لم يكن كله، وكانت حسناء بارعة الجمال.
فراقة من زوجة تاجوج الجمال:
وقيل أن المحلق، لشدة إعجابه بزوجته تاجوج، طلب منها ذات يوم طلبأَ غريباً، وهو أن تتجرد تماماً من ثيابها ثم ترقص أمامه مقبلةً ومدبرةَ، وألح عليها في ذلك وشدد العزيمة، وكان ذلك في عرق قبيلة الحمران عيبًا بالغًا، فوافقت بشرط أن يجيبها إلى طلب ستطلبه منه عقب تنفيذ رغبته. فوافق على ذلك ظناً منه أن طلبها لن يتعدى المال والحلي والأنعام، فطلبت الطلاق بعد أن حققت له ما أراد، واضطر هو لتلبية رغبتها أمام إصرارها. ثم سعى بعد ذلك لردها إلى عصمته، ولكن كل محاولاته في ذلك باءت بالفشل الذريع، فقضى بقية عمره في حالة تشبه حالة مجنون بني عامر، هائماً على وجهه، ذاهل اللب زائغ العقل، يتغنى باسم تاجوج، وينظم فيها روائع الأشعار. وكان المحلق صاحب ملكة فنية فذة، وصوت رائع في الغناء.
نماذج من شعره فقد تخصص في الدوبيت والرباعيات،
ومن رباعياته:
بَـشِــــدْ واركـبْ على أب زرداَ مـــدانَــا
مِــتِـــل وَدّ الأرايــلْ فـي الـبـطـــــــانَـــةْ
نَِضـوِّقــــو مـن كريـكـــر اليـوم تــرانـا
ونســاري الليـل على الخُــدّيــرْ فـلانــة ومن أشعار المحلق التي جرت في الناس مجرى المثل وأصـبـح يرددها الكبير والصغير، قوله:
راقِـدْ رُقـادَ الدِّيـك فوق الحِـبـِلْ
عيشـةً بلا تاجـوج ما بتنْحَمِــلْ
وفاته:
توفي الشاعر المحلق الحمراني في القرن الثامن عشر ومات حزناً على فراق زوجته وريحانة فؤاده، تاجوج الجمال وذلك بعد موتها مقتولة بسيف أحد قطاع الطرق.