لفت انتباهي فكر حمدوك وارتباطه بتطبيق الديموقراطية، لدرجة أني بت استنتج الكثير من المواقف التي لم اطرحها بوضوح كامل بعد، خوفا من التسرع قبل الفهم الكامل لما يجري من تحولات في عالم اليوم، خاصة بعد فشل التجربة المدنية المنشودة بسبب مجموعة الأحزاب التي تدعي انها قوى في الحرية والتغيير !! وهذا الفشل بجوهره هو فشل اقتصادي، وفشل سياسي وفشل فكري لنهج وإدارة اقتصادية، اجتماعية وسياسية واكبر أسبابها فكر التمكين داخل المؤسسات لصالح كل حزب !!
كلنا نعلم ان حمدوك أتى عن طريق قوى الحرية والتغيير التي هي بالأساس مجموعة أحزاب تحلم بالسلطة ونفوذها !! فكل حزب هدفه التمكين داخل المؤسسات والسيطرة عليها لبلوغ الانتخابات في ثبات كما يزعمون.
حمدوك أثبت أنه يريد أن يخدم البلاد وهذا ما اكتشفته مع مرور الأيام عندما أجده يسعى لقيام الدولة المدنية بعيداً عن العسكر وانتقال السلطة انتقال سلمي مدني، وإقفال الباب عليهم وعلى طموحاتهم واحلامهم في السيطرة على البلاد بمخطط رخيص تم تجربته في مصر بخلق الازمات وضنك العيش لخروج الشعب ضد المدنية علي اعتبارها لم تأتي بحلول غير التصعيد المعيشي ووضع المنظومة العسكرية موضع البطل المخلص بعد سقوطها لقيادة البلاد !!
وسيتم قفل هذا الباب عن طريق بعثة الأمم المتحدة
وبحسب القرار 2524 فإن مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان (UNITAMS) ستبدأ في الأول من يناير 2021، ولمدة 12 شهرا كمرحلة أولية.
وتهدف بعثة المتابعة الأممية الجديدة (UNITAMS) للمساعدة في تحول البلاد إلى حكم ديمقراطي، ودعم حماية وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام، وتدعم الوحدة أيضا عمليات السلام وتنفيذ اتفاقات السلام في المستقبل
مساعدة بناء السلام والحماية المدنية وسيادة القانون، لا سيما في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق
ولكن رغم هذا التفاني من حمدوك هنالك أسباب جعلت فكره صعب التطبيق، ومن أبرز الأسباب سيطرة المنظومة العسكرية المسيسة مع كيان المؤتمر الوطني وشرذمة الهوس الديني ومجموعة الأحزاب والحركات المسلحة،
فهؤلاء أكبر معضلة في تاريخ السودان ولهم دور كبير في خلق الأزمات التي تحدث في البلاد من زياده في الاسعار والتدهور المعيشي، فكان السلاح لمحاربة حمدوك هو العملة الأجنبية التي تزيد عند الطلب وتثبت بعد تنفيذه (مثلاً الحكومه عايزه تشتري البنزين والجاز نجد أن الدولار غلاء ثمنه .. الحكومة نفذت واشترت الدولار أصبح ثابت وهكذا كراً وفراً).
عدم توفر إنتاج حقيقي جعل الحل الأسرع ان تلجأ الحكومة الى رفع الاسعار ليستطيعوا الشراء بالسعر الموازي لتوفير اقل حقوق المواطن !!
من الاخر منظومة عسكرية بقيادة حزب كانت مسيطرة علي الموارد والعملات ثلاثين عام بديهي أن يكون لهما النفوذ في العملات الأجنبية وجميع موارد البلاد، بعيداً عن بنك السودان الذي ليس لديه الموارد لتلبية طلبات الجمهور من عملات فأصبح اللجوء للسوق السوداء من الحكومة المدنية لتوفير احتياجات المواطنين.
الان المنظومة العسكرية وباقي الشرذمة تنتظر خروج الشعب على الحكومة المدنية والمطالبة بسقوطها، فهم على ثقة تامة أن خطتهم ناجحة وتم استغباء المواطن وهذا لن يحدث طالما أن الشعب يعي تماماً هذا المخطط.
الآن أمام هذه المجموعات السلطوية ان تفتعل حروب وزعزعة داخلية و انفلاتات أمنية لتظهر للمجتمع السوداني انها هي الحل والخلاص !! وهذا ما رأيناه في حرب الفشقه (فهذا واجب وليس تفضل) !!
علي حمدوك أن يثبت أكثر أنه جدير بهذا التحدي بإبعاد قوى الحرية والتغير عن الحكم وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، بعيداً عن الأحزاب والحركات المسلحة التي تحارب باسم العرق لنيل أعلى درجات التمكين لخدمة أجندتها!! لذلك يجب ابعادها ايضاً لاعتناقها الفكر العرقي.
فأنا أرفض التعريف الطائفي والعرقي واعتبر ذلك سقوطا فكريا لمجتمعاتنا.
وأرى أن القبلية هي اشد حالات الانعزال النفسي عند الأفراد أو الجماعات، وتقود الى العقم الفكري والانغلاق والتفسخ الاجتماعي والوطني، تشكل خطرا مدمرا على المجتمع وأفراده وتمثل عجزاً عن فهم العالم الواسع والاندماج حضارياً معه.
وتقود إلى مناصبته العداء، تحت صيغ تزيد من الانغلاق والابتعاد عن حركة الحياة والثقافة والتطور.
التعريف المنطقي لأي مجتمع هو تعريفه القومي اولا الذي يشكل القاعدة الأكثر اتساعا لما يجمع أبناء الوطن الواحد بكل دياناتهم وطوائفهم.
فمن اشرس المعارك التى تخوضها في حياتك هي أن تحقق ذاتك كما تريد في عالم يبذل قصارى جهده ليجعلك سجين في فكره ومعتقداته.