الإدراك المعرفي وتحرر الفكر .. لن يكتمل إلا بمعرفة الذات وكينونة الإنسان العاقل وأهدافه في الحياة .. الذي تطور فكرياً عن اسلافه وأصبح يستخدم معطيات الحياة لصالحه و يطوعها !!
فالقمع والاضطهاد والتبعية والعشائرية وعاداتها .. تعرقل تلك المعرفة الطبيعية التي يفترض أن يخوضها الإنسان في حياته.
يبدو أننا كمجتمع نتحرك إلى الخلف .. تضييق متواصل لمساحة حرية الرأي وحرية الإبداع.
نواجه ذلك مع كل فكر غير تقليدي .. إذا اقترب من الدين ببعض المنطق فأنت على ضلال !!
ويجب أن تخضع لمن وضعوا أنفسهم مقررين ما يجوز وما لا يجوز للعقل !!
وتسقط عليك المواعظ مثل المطر وأنا على ثقة أن أصحابها لا يفقهون سوى حرفيتها !!
المنطق ان لا يواجه العاقل .. المتعصبين للعقائد او الأفكار !
بل ان يبتعد بذكاء .. لأن إيقاظ العقل النائم لدى المتعصبين يحتاج الى مسيرة فكرية تاريخية لم تبدأ بثقافتنا بعد !!
لذلك نجد مجتمعاتنا متأخره تعيش في تدوير ماضي ممنهج .. بحجة !! هذا ما وجدنا عليه ابائنا وهذه قيمنا وهذه عاداتنا فيظل يرفض كل ما هو جديد .. وفي الآخر يجد نفسه تخلف عن من سبقوه (فكراً وبحراً و فلكاً) !!
فيصبح مجرد مجتمع مستهلك للحداثة التي تتماشى مع عاداته و يطوعها لخدمته !! ويظل يستفيد من ابتكارات غيره من الأمم !! دون استحياء ورغم ذلك يطعن فيهم ويروج لنفسه انه الافضل !!
وكان صوت عقله يقول .. انا الافضل لماذا افكر ولماذا اجتهد ! طالما هنالك آمم تفعل ذلك بدلًا عني .. وكل ما يتم إكتشاف من جديد يقولون هذا مذكور في كتابنا المقدس !!
إذا لماذا يصرون على تفسيرات الماضي وتشريعاته؟
و لماذا نحارب المجددين الذين يفكرون بالمنطق علي حسب معطيات الزمان والمكان ؟
مع أننا متيقنين أن كتابنا صالح لكل زمان ومكان ؟
ولماذا يظل الفكر الإسلامي حبيس ماضيه؟
لماذا يقمعون الفكر مع أن التفكير الحقيقي لا حدود له ؟!
بل أهم ما يجب التفكير فيه .. هي تلك الأمور التي وضعت لها حدود والمنهي عنها !!
هنالك ينبغي للمفكر أن يقترب تحت ظلال التهديد والوعيد ويحوم حول الأسوار الشائكة والحصون المنيعة ليستكشف الحجج ويحل الألغاز !!
تلك الخطوة الأولى نحو الحقيقة .. و أعمل بمبدأ أن لا تصدق الكذبة التي ترضيك .. ولا تكذب الحقيقة التي تغضبك.
فمن الصعب إصلاح مجتمع يرى من نقد ثوابته الفكرية و موروثاته إهانة .. ويرى اختلافك في التفكير والمعتقد الشائع خيانة !!
فمجتمعنا يعيش في العمى الفكري … وهو أن يتعامل الأنسان مع أفكار غيره من المجتمعات باستخفاف .. (فلا يسمع) .. وأفكاره ومعتقداته كحقائق لا جدال فيها .. (فينبح) !!
فكيف لنا أن نصلح عقول .. لا تقبل أن تنتقد ذاتها !!
وكيف لنا أن نبني أوطان .. ونحن نرفض كل ما هو جديد ونحارب كل مختلف بالويل والعويل !!
وكل ذلك بسبب سيطرة رجال الدين على الفكر والعلم ! وأنهم المسؤولين عن الأمة !!
إن أقرب طريق لتزييف وعي الناس هو طريق المنابر !!
وأخطر طريق لتضليل العامة وخداعهم .. هو طريق التستر بالدين .. !
فإن أردت أن تضلل جماعة من الناس .. في فكر معين .. ما عليك إلا بناء مسجد ومن ثم تأتي بخطيب مفوه .. تملي عليه ما تريد قوله للناس .. بعد فترة بسيطة سترى الناس وقد أصبحوا كالقطيع تتبع بلا وعي وبلا تفكير !! وتقاتل من أجل هذا الطرح المسموم بتعصب !
من الاخر .. رفض الجديد هو وأد للوقت والمستقبل .. ولك أن تتدبر في هذا.