في بلد غاب برلمانه ومجلسه التشريعي فأصبحت كل جهة تقوم بسن قوانينها كيفما تشاء ، فبعد تعديلات وزارة العدل في عدد من القوانين وإجازة عدد من القوانين الجديدة أطلت علينا وزارة الصحة بقانون الصحة ، قانون الصحة الذي تمت إجازته اتفق جميع من وضعوه على فرض عقوبات مالية على مخالفيه وتصل في بعضها للسجن معتقدين أن العقوبة المالية ستحسن سلوك المواطن.
على وزارة الصحة قبل أن تعتمد إجازة قوانينها أن تقوم بدورها المطلوب ، وعلى بقية الوزارات المرتبط عملها بتحسين البيئة والصحة أن تحسن من خدماتها ، فكيف يعقل أن يعاقب المواطن على انتشار (الذباب والبعوض) ولا تعاقب الوزارات المعنية بمكافحتها؟.
تشهد أغلب مناطق السودان في الفترة الحالية تردي في الوضع الصحي والبيئي بسبب الأمطار والنفايات والتي تتسبب بصورة مباشرة في انتشار البعوض والذباب ، وبالنظر لأداء الحكومة نجد أن الجهات المعنية عجزت عن جمع النفايات ، وعجزت عن جمع جلود الأضاحي ، وعجزت عن ردم المساحات الممتلئة بمياه الأمطار وبالمقابل لم نرى أي جهة صحية تقوم برش المبيدات لمكافحة البعوض والذباب.!
وزارات كوزارة الصحة والبنى التحتية والمحليات هي المسئول الأول عن مكافحة الحشرات وردم الساحات وفتح قنوات مياه الأمطار و النظافة وجمع النفايات ، فكيف لجهات حكومية عاجزة عن القيام بعملها أن تحمل المواطن فشلها وتسن القوانين الرادعة وهي الأحق بالمحاسبة والعقاب؟.
علي الحكومة أن تصبح أكثر نضجاً وتبدأ في تحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها ، وإذا أرادت فرض قوانين لتحسين السلوك فلتبدأ قبل ذلك في تقديم الخدمات التي تساعد المواطن على القيام بدوره فيما يليه من مسؤوليات.
تطلب وزارة الصحة من المواطن تجفيف مصادر المياه بالمنزل متناسية أن المواطن يحصل على الماء بعد جهد وبمقابل مالي ، فشبكة المياه الحكومية لا تغطي كامل المدن والقرى وأغلب الناس يعتمدون على بدائل مكلفة في الحصول على مياه الشرب ، وبالمقابل أغلب خطوط المياه في الشوارع بها كسورات ويستمر تسرب المياه منها لأيام وشهور وربما أعوام ولا تجد من المسئولين أدني أهمية.
عام مر على حكومة الثورة فشلت في كل ما يخص المواطن من خدمات وحقوق ، بل وتعدى الأمر بتحميله سوء الإختيار لطاقم الحكومة التنفيذية ليحصد سوء الخدمات وتردي الوضع البيئي والاقتصادي وحكومته تتفنن في سن القوانين.
صحيح أن تحسين سلوك المجتمع من أهم الأدوات المساعدة لحل المشاكل الصحية الناتجة عن الوضع البيئي ولكن تظل المسئولية الحكومية متمثلة في أدوار الوزارات وتوفير أبسط الخدمات هي الأهم.
نهاية القول
ما تيسر لهذه الحكومة من سند شعبي كان كافياً لتغيير الكثير ولكن كعادة الأحزاب فشلت في تفجير طاقات المجتمع وفضلت التناحر سياسياً ولم تكن وزارة الصحة إلا مسرحاً للإقالات والتعيينات مراراً وتكراراً.
و(شيل) فلان .. و(خُت) فلان وكله بالقانون!.
—