عمود يكتبه عمر الفاروق عبد الله يوسف
عادت الحياة إلى طبيعتها في السودان بعد حظر دام لأشهر إلتزم به البعض واخل به الكثيرين بإختلاف أسبابهم وظروفهم بل وقناعاتهم عن ما يجري حولهم وما يدور في العالم من أحداث ووقائع بلا شك أثرت سلباً و إيجاباً على الجميع ، فمع عودة الحياة تدريجياً تعود الأزمات إلى الواجهة من جديد ؛ لتتصدر التعرفة الجديدة للمواصلات عناوين الرجوع البارزة وتطل أزمة المواصلات القديمة بتعرفتها الجديدة لترحب بعودة الناس وتذكرهم أن الحاضر ليس هدفاً لمن يحكمون ، وأن الماضي لا يزال حاضرا ، وأن المستقبل سيأتي عابراً دون جديد إن سرنا على ذات الطريق ، وأن حل الأزمة في توقفكم ؛ فإن عُدتم عادت.
عليه أحاول جاهداً أن أفهم الحلول التي وضعت لحل أزمة المواصلات التي تفاقمت في الخرطوم والولايات خلال السنوات الأخيرة وما زالت.
دولة كاملة بوزاراتها وولاتها لا تستطيع حل الأزمة! التي في رأيي ليست بالأزمة الكبيرة التي تحتاج إلى هذا الضجيج وهذه السنوات الطوال فإني (أَسمعٌ جَعجعة ولا أرى طحنا) ، فالأزمة مستمرة منذ سنوات ليست بالقصيرة وما زالت تتفاقم حتى أصبحت حديث الشارع وموضوع المجالس.
فهل الحكومة الحالية لم تعي الدرس من سابقتها ؟
وكيف لدولة لا تستطيع حل هذه الأزمات البسيطة أن تحل مشاكل الاقتصاد والسلام والجوار ؟
رغم أن المشكلات مرتبطة ببعضها البعض إلا أن الحلول يمكن أن تتجزأ أحياناً خاصة إن كانت المشكلة أساسية وتعطل مُجريات الحياة العادية ، وتؤثر على المواطنين بشكل مباشر، وتعتبر من مُقومات الحياة المُعاصرة التي لا يمكن الاستغناء عنها في تفاصيل الحياة اليومية ؛ فانهيار المنظومة الإقتصادية قد يكون سبب مباشر في كل الأزمات ، وانعدام الوقود يوقف عجلة المواصلات وعدم الرقابة يزيد من تفاقم الأزمة بل ويزيد من تعقيدها ؛ لذلك عندما تخرج لتطرح الحلول لابد أن تكون حلول منطقية مبنية على دراسات علمية واضحة.
لكن للأسف جاءت نفس الحلول العقيمة التي مارسها النظام السابق في سنواته الأخيرة ، الإعلان عن تعرفة جديدة قيل أنها موحدة ولكن بدون رقابة ؛ وإن كان توحيد الأسعار يتم بهذه السهولة ودون رقابة لما لا يتم ضبط أسعار السلع وتوحيدها ؟!
فصاحب المركبة الخاصة يفعل ما يريد ويخصص التعرفة التي يريد وعلى المواطن المضطر أن يدفع مجبراً لا يملك الخيار لنُدرة المركبات وقت الذروة وعدم توفرها.
حتى زيادة عدد الباصات ليس حلاً ، فالمواطن الذي يضيع يومه داخل الباص الذي يقف كثيراً ويتحرك ببطء شديد لا يخدم القضية في شيء ؛ يجب توحيد تعرفة المركبات الصغيرة (الهايس ، الكريز وغيرهما) ورقابتها جيداً فالإجراءات التي تمت لم تأتي بناء على خطوات مدروسة.
أزمة المواصلات ليست في عدم توفر المركبات ولكن تظل الأزمة الحقيقية في عدم توفر الوقود وعدم الرقابة ، فالمواطن يسمع من الحكومة ما لا يرى من أصحاب المركبات.
ورقة أخيرة
على الحكومة أن تحل الأزمة من جذورها بتوفير الوقود لأصحاب المركبات العامة والخاصة ، وصيانة الطرق وتشييدها ، وتفعيل الدور الرقابي بالشكل المطلوب لضمان عدم إستغلال المواطنين وحفظ حقوق الجميع ؛ فلا يمكن أن تكون الحلول (إن صحت تسميتها كذلك) في زيادة عدد الباصات و توحيد التعرفة فقط.
إلى لقاء