دخول الطرق الصوفية إلى السودان:
شهد منتصف القرن الرابع عشر الميلادي بداية دخول الطرق الصوفية إلى السودان، وسرعان ما أوجدت لنفسها مكاناً بين المدارس الفقهية الموجودة أنذاك، وقد مثل قدوم الفقيه الشيخ غلام الله بن عائد اليمني إلى دنقلا-المسيحية وقتها- أول بذرة لإنتشار المنهج الصوفي في السودان، فمكث في دنقلا يعلم الناس أصول الدين والفقه-على الطريقة الشاذلية- ويعمر المساجد ويقرأ القرءان حتى وفاته وتابع أبناءه وأحفاده المسيرة من بعده.
إنتشار التصوف:
بعد دخول جزء كبير من السودانيين في الاسلام وبداية ظهور الممالك الإسلامية كان التصوف قد وصل إلى أغلب مناطق السودان حتى المناطق الهامشية والطرفية وإحتل علمائه ومشايخه مكانا مرموقاً وإتجهوا بقوة لنشر المنهج الصوفي داخل وخارج البلاد خاصة في عهد مملكة الفونج.
بعد أن سادت حركة التصوف في العالم الإسلامي وبدأت بالإنقسام لعدة طرق وجماعات ، كان للطريقة القادرية قصب السبق في الوصول للسودان-بعد الطريقة الشاذلية- عن طريق الشيخ تاج الدين البهاري عام 1577م، وكان مجيئه بدعوة من بعض الحجيج السودانيين الذين التقوه في مواسم الحج، وإنتشرت الطريقة وأصبحت من أكبر الطرق في السودان جذباً للمريدين ومن أشهر سالكيها الشيخ محمد الهميم وبانقا الضرير وعبد الله العركي وإدريس ود الأرباب وحسن ود حسونة.
توالى بعد ذلك توافد الطرق والمشائخ إلى البلاد ووجدت الطريقة السمانية طريقها إلى السودان في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي على يد الشيخ أحمد الطيب البشير الذي تتلمذ على يد الشيخ محمد السمان مؤسس الطريقة نفسها، وبدأيدعوا لها المريدين والأحباب وسط الصوفية-القادرية والشاذلية- وبقية الطوائف الدينية الموجودة ، ثم دخلت الطريقة المجذوبية على يد الشيخ حمد المجذوب والختمية على يد السيد محمد عثمان الميرغني الذي تتلمذ على يد الشيخ أحمد بن إدريس والذي أرسله بدوره إلى السودان لينشر الطريقة ويعلم الناس ولاقت هذه الدعوة قبولاً كبيراً حينها وإنبثقت منها الطريقة الإسماعيلية ومؤسسها الشيخ اسماعيل الولي عام 1846 هجرية.وبعدها توالت الإنشقاقات داخل الطرق المختلفة ووصلت لما يقارب الأربعين طريقة مختلفة.