تقع مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل بالسودان، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي(310) كيلو متر وعن مدينة الدامر حاضرة الولاية بحاولي 10كيلومتر، كما تبعد عن ميناء بورتسودان بحوالي 611كيلو متر. وتبعد جنوبا عن وادي حلفا بحوالي 474 كيلو متر، هذا المكان الجغرافي جعلها تتميز. عن غيرها من مدن الولاية ومدن السودان بصورة عامة حتى أصبحت من أعرق وأشهر المدن السودانية.
قديماً كان يطلق على مدينة عطبرة اسم (أتبرا) قبل استبدال حرف التاء بطاء، و يقال أن اتبرا مشتقة من الكلمة العربية تتبير، وتعني التحطيم أو التديمر، وسميت بهذا الإسم لهيجان نهر عطبرة عند فيضانه، و انحداره بسرعة كبيرة في سهولها المنبسطة حيث يحطم كل ما يقع في مجراه أو على حواف ضفافه.
وهنالك رواية أخرى أن أصل الكلمة يوناني (اتبرا) وهو إيس تبوراس Essetaboras (باليونانية σταβορασ) ويستدل بأول الكلمة إيس Esse إذ قيل انها من اللغة النوبية و تعني الماء ، أما آخر الكلمة taboras فيعني العابدون شفاهة.
يرتبط تاريخ عطبرة الحديث ارتباطاً وثيقا بتاريخ السكك الحديدية في السودان وتاريخ الحركة النقابية السودانية، حيث بدأت مرحلة نشوئها وتطورها كمدينة مع بداية تشييد خط السكك الحديدية من قبل القوات البريطانية المصرية عند غزوها للسودان لأستخدامه في نقل المؤن والعتاد الحربي من مصر، وذلك في إطار استعداداتها للزحف نحو أم درمان عاصمة الدولة المهدية واسترداد السودان. وكان بناء الخط قد بدأ في منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر عبر الصحراء حتى أبو حمد ومنها إلى عطبرة. وفي ابريل 1898 انتصرت القوات الغازية بقيادة كتشنر على قوات الخليفة التعايشي التي كان يقودها الأمير محمود ود أحمد في معركة النخيلة شمال عطبرة واستمر بناء الخط حتى وصل عطبرة في 3 يوليو 1898م. وتم في تلك الفترة نقل 3 بواخر مدفعية إلى عطبرة والتي كان لها دوراً حاسماً في الانتصار على قوات المهدية.
وفي عام 1906م تم توصيل خط من عطبرة إلى ميناء بورتسودان لنقل قطن الجزيرة إلى مصانع لانكشير في بريطانيا، وبذلك أصبحت عطبرة حلقة وصل مهمة بين شمال السودان والعاصمة الخرطوم من ناحية، وبينها وبين ميناء بورتسودان في الشرق من ناحية أخرى.
وفي عام 1939 اختيرت عطبرة مركزاً رئيسياً لإدارة السكك الحديدية و ورشها ومخازنها اللوجستية، والتي أصبحت أكبر صاحب أعمال بالمدينة يوظف في خدمته معظم سكانها حتى بلغ عددهم 120 الف عامل تقريباً. ونتيجة لسياسة التمييز ضد السكان الوطنيين وعدم مساواتهم بالبريطانيين قرر عمال السكك الحديدية تأسيس نقابة عمالية خاصة بهم كانت أول نقابة عمالية في السودان. وفي عام 1947 نظمت النقابة أضراباً عاماً تضامناً مع نقابات عمالية مصرية.
نمت نقابة العمال السودانية حتى صارت واحدة من أقوى وأكبر الحركات العمالية المناوئة للاستعمار في إفريقيا وأصبحت على علاقة قوية مع الحزب الشيوعي السوداني الذي كان يتبنى قضايا ما كان يصفها بالبروليتاريا السودانية.
في عام 1954 م، تمت سودنة السكك الحديدية و تم تعيين محمد الفضلي أول سوداني في منصب مدير سكك حديد السودان.
كان لعطبرة ولسكانها أدوار ملموسة ومحسوسة في كل الفعاليات والنشاطات الاجتماعية والحركات الوطنية على مر الأجيال فكانت دائما سباقة وحضوراً انيقاً وجميلاً يزين كل الأمكنة، و لكل ذكري واحتفائية سودانية تتزين عطبرة بلد الحديد والنار بأناسِها وتسجل أحرف من ذهب في وجدان التاريخ السوداني من خلال مواقف أصيلة إن دلت تدل على وطنية وحب المجتمع العطبراوي لهذا البلد الجميل، فهي مدينة صاحبة مبادرات لا تنس، كان آخرها عندما اعتصم الثوار السودانيون أمام القيادة العامة للقوات المسلحة مطالبين بتغير النظام وبسودان جديد برؤية مختلفة تسع الجميع . فكان لثوار عطبرة المشاركة الملموسة في هذا الاعتصام الكبير، وذلك بإرسال قطار عطبرة يزينهُ ثوار المدينة الذين جاؤوا لنصرة ثوار الخرطوم في مشهد مهيب أمام القيادة العامة وكان وصول قطار عطبرة بمثابة التحام السودانين ببعضهم البعض من أجل سودان موحد يسع كل الجميع.