كم مرة صادفت شخصاً لديه رغبةٌ ملحةٌ في الإطراء المتواصل؟
حتى ان لم تقدم له الإطراء يبدأ بنفسه في تعظيم ذاته وتقديس صفاته، بالغالب تجد هذا الإنسان يعيش في عالم من الخيال الواسع، عالم مبني على الانجازات الافتراضية، مبني على وجوده في قمة الهرم الاجتماعي او ساعياً باستمرار للوصول الى قمة هذا الهرم الخيالي.
هو يظن بذلك أنه يقدر ذاته كما يجب وهو في الحقيقة يفتقر الى تقدير ذاته لدرجة تجعله يلجأ الى طرق رخيصة ليحصل على بعض التقدير.
هنا سيأتي دور الأقنعة وسيبدأ هذا الشخص بارتداء واحد او أكثر من قناع لتعزيز شعوره بالتقدير من الآخرين مثلاً:
قناع السيد مسكين بحيث يحكي مشاكله وسوء تجاربه الفاشلة مع الحياة ويبدأ في تأليف قصص خيالية ليكسب تعاطف الآخرين!
قناع السيد لطيف الذي يبالغ في لطفه مع الآخرين ويقضي بقية وقته شرهاً لسماع آراء الناس عنه خصوصاً حين يصفوه بالشخص اللطيف؛ هنا يستمر ويتمادى في تغذية ذاته بهذا الأسلوب!
ايضاً قناع السيد عنيف فهو يحاول لفت الانتباه من خلال عصبيته او تصرفاته العنيفة تجاه الاخرين!
وأخيراً قناع السيد عظيم الذي يتباهى بنفسه وما يفعله والأشخاص الذين يعرفهم ونمط حياته الذي قد يكون بنهاية المطاف ما هو إلا تمثيلية عملاقة لواقع فارغ.
رغم تعدد أقنعة البحث عن التقدير إلا أن الأكثر شيوعاً هو قناع السيد عظيم، هذا السيد يعتقد دائماً أنه من واجب الأشخاص حوله أن يستمروا في تقديم الإطراء والثناء والمدح المبالغ فيه وينزعج جداً إن لم يحدث ذلك؛ بل وسرعان ما يختفي دور الشخصية الواثقة عند أول كلمة نقد!
يقول الفيلسوف (رالف والدو امرسون): استخدم اي لغة ترغب بها و تستطيع عبرها ألا تقول اي شيء الا ما أنت عليه.
إذا كنت تتبنى احدى الأوصاف المذكورة في بداية المقال انصحك بخلوة مع الذات لتراجع نفسك، اما إذا كنت مغذٍ بشكل مقصود أو غير مقصود لمثل هؤلاء الأشخاص فأحذر من التملق.
تذكرت تعريفاً للتملق يستحق إعادة ذكره يقول: التملق هو إخبار الشخص الآخر بالضبط عما يظنه بنفسه.
لذلك نجد أن التملق نادراً ما يؤتي اُكله مع الأشخاص المميزين فهو بالنسبة لهم شيء سطحي وغير صادق.
بعض الناس هم عطشى وجوعى للتقدير لدرجة ابتلاعهم لأي شيء حتى وهم يعلمون أن الكلمات التي وصفوا بها لا تمثلهم! على المدى الطويل يُحدث التملق ضرراً كبيراً بصاحبه فهو خداع كمثل الأموال المزورة؛ ستكون في مشكلة ما إذا قمت بتمريرها لشخص آخر.
هذه ليست دعوى لتفادي تقدير الآخر بل هي مفارقة بسيطة ، فالفرق بين التقدير والتملق أن أحدهما صادق والاخر ليس صادقا، أحدهما ينبع من القلب والآخر من كيس محدثك، أحدهما خالي من الأنانية والآخر أناني، أحدهما مقدرٌ على مستوى العالم والآخر مُدان على مستوى العالم.
قرأت قولاً مأثور للملك جورج الخامس يقول: علمتني الحياة ان لا أمد يدي أو أتلقى بها المديح الرخيص. هذا كل ما يعنيه التملق (مديح رخيص).
أما التقدير المعنوي فهو مساندة إيجابية ؛ أصبحت من الخصائص المهملة في وجودنا اليومي، وتعايش الناس مع التملق لتحقيق مكاسب أنانية من محيطهم المجتمعي بالمبالغة في المجاملة والتغاضي عن عيوب الطرف الآخر تماماً واظهار ميزاته فقط ، لدرجة أوجدت عدداً مهولاً من أصحاب الذوات المنتفخة.
عزيزي القارئ : من واجبنا أن نحدث تأثيراً علاجياً اجتماعياً على مثل هؤلاء الأشخاص؛ وبداية الطريق ابتعد عن التملق فهو جزئيه من الكذب في حياتنا يجب أن تتلاشى لنحقق السلام الداخلي العام الذي يَكمن في تفاهم الروح مع الجسد، وجرب أن تخلق عادة جديدةً جميلةً في حياتك؛ بمنح تقديراً أمينا وصادقاً كل يوم.
11 تعليقات
كلام رائع👌
جميل 👍🏼
ماذا يسمي الشخص الذي يمتلك كل هذه الاقنعه
كلام جميل جدا جدا
كلام جميل
سلمت يداك 🌸🌸
الله يعزك♡
أردم 😂😂
هههههه العفو… دا مرض بيجتاح المجتمع و اخطر من كورونا
سلمت يداك ❤️❤️❤️❤️🥰
تسلمي فاتن♡