236
بقلم : فاطمة أمين
ردود الفعل الواسعة التي اجتاحت المجتمع السوداني عقب القرارات التي أدلاها وزير العدل مؤخراً كانت متوقعة بالنسبة لنا، وأيضا رد فعل الأحزاب والكيانات التي دعت للخروج لمليونية أسمتها مليونية الغضب رفضاً لتلك القرارات التي اعتبروها تكفير وردة عن الدين الإسلامي، ولكن لا ننكر الجانب الإيجابي في بعض هذه القرارات مثل قانون إتاحة السفر للمرأة مع أطفالها دون إذن الوالد.
المجتمع السوداني ومنذ القدم تطبع بالالتزام ورفض العادات الدخيلة ، واكتسبت الأجيال جيل بعد جيل طابع السماحة الدينية و توارثوها متمسكين بالعادات والتقاليد التي خلدها الآباء والأجداد في مخيلتهم فلا شك أن معظم القرارات كانت جريئة فعلياً فالبعض يحكم من الغلاف فقط ، إلا أن بعضها تحتاج لمواجهة المجتمع وتثقيفه عن ماهية هذه القوانين الجديدة، خاصة فيما يخص إنصاف المرأة بتجريم ختان الإناث وكذلك إجازة سفر الأطفال مع الأم دون ترخيص من الاب أو موافقته، هذه النقطة خاصة وجدت ترحيب واسع في مجتمع النساء اللواتي قدموا تضحيات كبيرة وعانوا في سابق العهد البائد، فكم من امرأة حرمت من أطفالها وكم من امرأة منعت من العمل أو الدراسة بالخارج وكان نصيبها ظلماً وقهر .
أما فيما يخص قرار إجازة شرب الخمر وقانون الردة فالمجتمع السوداني اعتاد دائما على الالتزام وبطبيعته مجتمع محافظ على العادات والتقاليد التي يتوارثها جيل بعد جيل، فمن غير المنطق أن تطبق مثل هذه القوانين جملةً وتفصيلاً على مجتمع مثل المجتمع السوداني.
نجد الآن الحديث المتداول في الشارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي عقب القرارات هو عن استحالة إلغاء حد الردة، وكيفية السماح بشرب الخمر لغير المسلمين وحيازتها وبيعها وشربها، أما الحديث عن سفر المرأة كما تحدثنا نجد أن مجتمع النساء مرحب به أما بعض من مجتمع الرجال يرفض السفر للمرأة السودانية للخارج باصطحاب أطفالها دون موافقة والدهم، وضرورة اعادة النظر في قرار إلغاء المادة الخاصة بـ الزي الفاضح.
من المؤكد أن هذه القرارات ستكون لها ردة فعل عنيفة داخل المجتمع السوداني سواء كان مؤيد او رافض خاصة أن النظام البائد اتبع سياسة الرئيس الراحل جعفر النميري الذي طبق الشريعة الإسلامية منذ عام 1983، وألقى بزجاجات الويسكي في النيل، ومنع شرب الخمر والكحول واغلق بيوت الخفاء، فمن المؤكد أن المجتمع الذي عاش سنوات عديدة ومديدة في تطبيق الشريعة لن ينساق فوراً الى هذه القوانين.
دعونا نتطرق على القانون الذي ألغي عقوبة الزي الفاضح، الفتيات في بلادنا منذ عهد النظام البائد كان يتم ايقافهم في الشارع من قبل الميليشيات الأمنية ومساءلتهم عن لبسهم وربما تصل الى اعتقالهم، نعم عانت النساء كثيراً من هذه القوانين ولربما جاء قانون إلغاء الزي الفاضح لصالحهم وانصافهم لأن اللبس في نظر الأغلبية يعتبر حرية شخصية وليس من شأن شخص او حكومة أن تتدخل فيما يرتديه الآخرون.
ذكرني قانون إلغاء الزي الفاضح بموقف حدث منذ دراستنا في جامعة الخرطوم، عقب مظاهرات ما اذا أوقف أحد عساكر النظام زميلة لنا وضربها بالسوط وذكر ان لبسها فاضح رغم أنها لم تكن ترتدي زي فاضح في نظرنا كمحيط طلابي، ولكن ربما أراد هذا العسكري التسلط وفرض قوته مستنداً على قانون لا يمت للحرية بصلة، هذا غير الحرس الجامعي الذي كان يحرمنا من الدخول للجامعة واللحاق بالمحاضرة والامتحان بحجة أن الزي غير محتشم.
هذه القرارات لا ننكر إيجابيتها حتى وأن رفضها البعض ولا ننكر أنها انصفت فئة من المجتمع كانت مهضومة الحقوق، علينا جميعاً أن ننظر في محتوى ما شملته هذه القرارات حتى وأن بدت للبعض تفسد المجتمع، أما عن المظاهرات المعلنة فلا بد أن يعي الشعب السوداني ضرورة إيقاف التظاهر حتى يتم بناء الوطن.
Copyright secured by Digiprove © 2020 Ashraf Eltom