مجاهد بشرى
في تلك الأمسية الحارة من الربع الأخير للعام ١٩٨٩م، وبينما هو عائد من النادي، داهمت قوات الأمن منزل الشاب الثلاثيني (مجدي محجوب)، و صادرت مبالغ مالية بالعملات الاجنبية.
وفقا لقرارات اللجنة الاقتصادية للمجلس العسكري العالي بقيادة العميد امن (صلاح الدين كرار)، والذي خرج متوعدا الشعب بالموت حال عدم تسجيل أي أحد للنقد الأجنبي الذي بحوزته لبنك السودان.
و في حديقة السيد (الميرغني) بأمدرمان، عقدت محاكمة عسكرية عاجلة لشخص مدني، في جريمة لا يوجد عليها دليل، وحكم عليه بالإعدام شنقا حتى الموت، و مصادرة جميع امواله.
و قامت الدنيا ولم تقعد، فبين محاولات الأصدقاء و الساسة و كبار المجتمع لإيقاف أمر إعدامه، و جري أمه المكلومة خلف الرئيس (عمر البشير)، و الذي لم يلتفت إلى توسلاتها، و لم يحن على قلبها المفجوع.
وافق الرئيس بعد مشاورات مع (إبراهيم شمس الدين) و مباركة (الترابي)، على إعدام الشهيد (مجدي) و الذي نفذ فيه أمر الإعدام في ١٩ ديسمبر ١٩٨٩م، دون أن تتوفر له أي محاكمة عادلة، او فرصة للدفاع عن نفسه،
لتبدأ حكومة الإنقاذ عهدا جديدا من الظلم و القتل دون وازع أو ضمير.
و كما أن الألم يبدأ كبيرا ثم يصغر إلا إن الظلم يولد كبير ويكبر يوما بعد يوم، خاصة عندما يمضي الزمن، و يرتكب الجناة نفس الفعل الذي قتلوا به الضحية ظلما و بهتانا، فبعد سقوط نظامهم الوحشي، كشفت المحاكمات و التحقيقات أن الرئيس وأسرته وكل وزرائه كانوا من كبار تجار العملة في البلاد، وهم سبب نكبتها الإقتصادية و أساس أزماتها.
و أن جشعهم لاكتناز العملات الأجنبية و الأراضي أصبح حديث يتندر به الناس في مجالسهم، بينما يطل وجه مجدي بين الأحداث، ليذكرنا بأن الجزاء من جنس العمل، وأنه لو كان هنالك عدلا، فإنه يجب محاكمة قتلة (مجدي) بنفس الأحكام التي أصدروها في حقه، او على الأقل فتح ملف قضيته من جديد.
فمعظم القتلة ما زالوا أحياء، منهم من يوجد بالحبس، و منهم من هو طليق يتنسم الهواء الذي حرم منه غيره، دون رحمة أو شفقة.
حتى يرتدع و يتعظ كل من هو على كرسي السلطة، و ينتهي و الى الأبد عهد الظلم والاستهتار بحياة الأخرين، و ليعلم أن القاتل مبشّر بالقتل، ولو بعد حين.
المصادر :-
١- كتاب إطلالة من شرفة الحياة الجزء الرابع،
قلب الطوفان للمؤلف علي حارن.
٢- حوار صحيفة الإنتباهة مع والدة الشهيد مجدي محجوب يناير٢٠٢٠م.
٣- قضية مجدي محجوب، بقلم بكري الصائغ.
٤- مواقع و وكالات.
7 تعليقات
الوعي بالحقوق هو طريقنا لبناء الوطن واحقاق الحق
كما تدين تدان
بالضبط هادية
سلمت أناملك أخي عشم
نشكرك على الدعم المعنوي .. سعداء بزيارتك
ولو بعد حين…
بالضبط