بقلم نميرى عثمان اوربي
••••••••••••••
عندما كنّا أطفالاً كنّا نعتقد بأن العيد رجل مهيب ذو وجه صبوح يرتدي قفطان أبيض ويحمل في يديه كل افراح الدنيا ويوزعها بين الناس بالتساوي.. وننتظر الليل والساعات بطيئه حتي ينقشع الصبح معلنا بصياح الديوك
و كنّا نخرج الصباح لنلتقي بالعيد لنأخذ ما يلينا من الفرح..ثم ننشغل بالحلوي والهدايا وملابسنا الجديدة وجيوبها الكثيرة معلقات الديباجات والأهازيج والتكبيرات التي تخرج مطمئنة من حلوق الكبار والعناق المحموم بين الناس وتلك السعادة الغامرة التي تضج علي الملامح والوجوه..
وننسي امر ذاك الرجل.. ونقنع بأن العيد ليس رجلاً .. وانما ما نراه الآن هو العيد وما نسمعه وما نحسه في الوجدان والدواخل.
وما نراه في وجوه الناس وهي تشرق بالعفو والسماح..وفي ملامحهم السعيدة والمفعمة بالدفء والسكينة والمسرات …وفي هيئة البيوت التي تعبق بالألق والتوهج والضياء..وفي قُبل الكبار للصغار..وفي الجلاليب البيضاء الفارهة والعمامات الشامخة..في دعوات الحبوبات بالعمر المديد..وفي تيّاب الأمهات التي تزخر بالوقار والجمال..وفي العلم العتيق الذي يرفرف كأجنحة السلام..وفي تلك الساحة غرب البيوت وهي تحتوي كل أفواج الفرح وتطلعات الناس وأحلامهم وأمانيهم وصلواتهم الخاشعة لله.
ثم كبرنا وأخذتنا الظروف والايام الي المهاجر والمنافي نبتغي أرزاقنا بعيداً عن الاهل والديار..وفي مثل هذا اليوم من كل عام يتجدد ذاك الشعور الغريب بأن العيد رجلٌ نسي ان يأتي إلينا.. او أننا كنّا في المكان الخطأ وتخالفنا في الطريق…أو إنه جاء بالفعل ولكننا ربما فقدنا الإحساس به والتعاطي معه..أو لأنه لم يعد ذلك العيد الذي نعرفه……