يقول الفيلسوف والمفكر الألماني نيتشه في كتابه جنيالوجيا الأخلاق : أن الأخلاق ما هي إلا أسطورة خلقها البشر حتى يتأقلموا مع البيئة التي تحيطهم والوضع الذي هم فيه.
وكأنما يقول أن البشر اخترعوا الأخلاق حتى يتعذروا بها ويأخذونها مطية لتبرير أفعالهم.
فالأخلاق أشبه بحيله لنوهم بها أنفسنا ونسوغ لما تفعله يدانا بأنه كان لا بد منه، وأننا لسنا سيئين بقدر ما جنيناه في حق الكثيرين.
هنا هي معاناة ريك غرايمز، الشخصية الرئيسية لمسلسل الموتى السائرون The walking dead، فهو لا يتذرع بالأخلاق ويتمترس خلفها ولا هو أيضاً بالمنزوع منها، هو يتمرجح بين الأمرين.
لكن سرعان ما يؤنبه ضميره على كل أفعاله حتى وإن كان لا بد منها.
كحفظ حياته، ودائماً ما يسعى للحلول والمخارج الأخلاقية وإن كلفته بعض الأرواح أو حتى مجرد تعريضهم للخطر، متناقض صحيح؟؟ نعم ذلك ريك غرايمز.
هو في عذاب مستمر، عذاب الضمير، فرغم أن كل ما فعل أو جله كان لا بد ولا فكاك منه، إلا بخسارة روحه هو والتي تعني خسارة أبناؤه، لكن رغم ذلك تجده يحترق من الداخل.
في الجانب الآخر شخصية فيليب بليك (الحاكم) ، على النقيض تماماً من ريك.
طالما لديه الحافز (حفظ عائلته أو أي شي يخصه) سيفعل كل شيء في سبيل ذلك، بدون أن يرمش له جفن، وينام الليل قرير العين كالأطفال.
في سلام مع نفسه بأن ما يفعله من أجل قضية سامية، حفظ الأرواح، وان دعى ذلك لهلاك جميع الأرواح الأخرى.
يرى العالم بعينه وبمنظوره هو فقط، وليس بمنظور الآخرين.
الآخرين بالنسبة إليه أما عبء ثقيل وجب التخلص منه، أو غنيمة ومؤن تزود مخزنه، لا ثالث لهذا الخيارين، على العكس تماما لريك غرايمز والذي يضع اعتباراً للآخرين حتى لو كلفه ذلك.
لنرجع لنيتشه مرة أخرى ونختم به مقالنا، يقول نيتشه أن البشرية لتطور وتزدهر لا بد لها أن تتخلص من الأخلاق، وكأنما هي معيق لتقدم البشرية وازدهارها،
لذلك يرى أن تطور البشرية هو في إمتلاك القوة، وهو ما امتلكه فيليب في المسلسل، مع عدد ضحايا أقل واستقرار أكثر وسط كل تلك الفوضى والموت، الشيء الذي أفتقده ريك.
ملاحظة بسيطة: هذا التحليل للنصف الأول من المسلسل، على أن أكتب مقال آخر عند نهاية المسلسل يناقش تطور الشخصية.
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom