قد لا يسمع الكثير منا عن السينما في السودان، ولكن ذلك لا يعني أن الصناعة هنا غير موجودة، فالأوضاع الاقتصادية والسياسية المتأزمة خلال السنوات الماضية لم تشجع على الصناعات السينمائية ، يشعر السينمائيون السودانيون على قلتهم بحالة ضياع تتفاقم يوماً بعد يوم، فمنذ رحيل المخرج السوداني جاد الله جبارة، وحسين شريف، وهجرة عشرات الكوادر، امتد الفراغ ليبتلع دور العرض نفسها وتناثر ذلك التاريخ، حتى أطل جيل أخر يحاول أن ينفض الغبار عن ذلك الرُكام.
دخلت السينما السودان عام 1912 مع قوات الاحتلال البريطاني، التي عرضت أول فيلم وثائقي قصير في مدينة الأبيض التي تبعد 588 كيلو متراً جنوب غرب الخرطوم، وكان حينها يوثق لافتتاح خط سكة حديد لربطها بالعاصمة، في حين شهدت بعد ذلك مراحل متغيرة. فمن بدايات استعمارية اتخذت منها سبيلاً لتمرير أفكارها إلى تعثرات وطنية لاحقة تماهت فيها مع الناس حيناً وغيّبت بإرادة من السلطات حيناً آخر، لكنها ظلت تواجه قيوداً مجتمعية و بيروقراطية وسياسية في الثلاثين عاماً من فترة نظام الحكم السابق، حتى صار تصوير فيلم سينمائي خطراً تصل نتائجه إلى السجن.
ولكن هنالك بعضا من اللمحات السينمائية التي ترتبط تاريخيا بصناعة السينما في السودان ، هنالك تجارب قام بها بعضا من الموهوبين من المخرجين وصناع الأفلام السودانيين التي أثرو بها عبق التاريخ السينمائي السوداني ، بل حتى تم مؤخرا تكريم هذه الأفلام السينمائية التاريخية في مهرجانات عالمية عديدة وتذكير الجماهير بها وتنبيه بأن السينما السودانية برغم من محدودية تجربتها وانتشارها لكن هناك ضوء يسطع من خلال تجارب سابقة تتمنى أن ترتبط بحاضر أميز من خلال الصناعة السينمائية ككل ، هنا بعضا من هذه الأفلام التي تم عرضها مؤخرا في مهرجانات عالمية عديدة :
“المحطة” (1989):
وهو فيلم كلاسيكي ألفه الطيب مهدي (من مواليد 1951 في أم درمان) ويصور الفيلم محطة بنزين من دون اسم على الطريق بين بورتسودان والخرطوم حيث تلتقي الشاحنات الكبيرة في العالم الحديث بالحياة الصغيرة للسكان المحليين، والأمر كله صورة متحركة عن كيفية حدوث “التنمية” في أفريقيا.
“الضريح” (1977):
فيلم كلاسيكي آخر من تأليف الطيب مهدي، ويدور حول الصدام بين المعتقدات الدينية التقليدية والعقل الحديث، ويسأل الفيلم: “إلى أي مدى ينبغي التسامح مع الحرية الشخصية حتى لو كانت تتناقض وقيم النخب والحكومة؟
تخرج الطيب مهدي من المعهد العالي للسينما في القاهرة عام 1976، وحصل على العديد من الجوائز، ويعتبر بحق أحد أسياد السينما السودانية، ويعمل حاليا على فيلم “الفانوس والظلام”.
“الهبيل” (1985):
فيلم آخر للمخرج (إبراهيم شداد)، وتجري أحداثه أثناء الحملة التركية المصرية العقابية على السودان في عشرينيات القرن التاسع عشر، ويصور الفيلم يأس الناس من خلال مشاركتهم في رحلة بلا هدف لاثنين من الرجال العميان في رحلة صحراوية برفقة حمار.
في مائة عام لم تُقدّم السينما السودانية إلاّ 5 أفلام طويلة فقط بحسب المؤرّخ كمال إبراهيم في كتابه “السينما في السودان: ماضيها وحاضرها ومستقبلها” لكن رغم العدد القليل للغاية، شهدت الأعوام والعقود المتتالية ظهور تجارب ومحاولات وأحلام موؤودة كثيرة، اصطدمت أحياناً بنقص الإمكانيات، وضعف التمويل، وقلّة عدد الصنّاع. كما اصطدمت دائماً بالسلطة الديكتاتورية، المسيطرة على المجال العام، إلى درجة إغلاق صالات السينما كلّها، سنحاول أن نسلط أكثر عن تاريخ السينما في السودان من خلال كتابات قادمة ، فكونو على الموعد.
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom
26 تعليقات
مجلتكم دي ليه ما مشهورة عندنا كده أنا خشيت قريت لقيت معلومات وفيرة عن السودان
السبب شنو
مجلة السودان مجلة ناشئة ليها سنة..المجلة حاليا قاعدة تحاول تعمل قاعدة كبيرة في السوشيال ميديا
وياريت لو تكرمتا معانا انك تمد يدك معانا وعرف القريبين منك وبالمهتمين بمعرفة أي معلومة عن السودان بالمجلة
في ورش قاعده تتعمل ممكن تتكلم عنها برضو والناس تستفيد منها كجمهور وصناع سينما
اي كلامك صح…انا شخصيا متابع الورش دي ومتابع مجهود الشباب اللي قاعدين يعملو لصالح رفع ودعم ونشر السينما ككل في سوداننا الحبيب
طيب انت ما اديتنا حلول للمشكلة ليه
السبب شنو اللي يمنعنا ما نصنع سينما حاليا
هي الحلول موجودة بس محتاجة همة مننا وعدم يأس ومسؤولية اتجاهنا كصناع للسينما وكجمهور برضو كمتابع وناقد بناء لرفع الطموح والوعي السينمائي
اتذكرتا مناقشتنا يومداك بالجد نفس الحاصل والقلتو
اوووه استاذه ايناس..ايوة ايوة محتاجين شغل وجهد زيادة لكسب المنتجين وصناع السينما
شكرا على المرور جدا جدا وياريت نستفيد من خبرتك لقدام كمنتجين موهوبين للسينما السودانية
ياريت تهمتو اكتر بالسينما القديمة دي..سبحان الله كان في ابداع ابداع وللاسف اتناثر كلو مع مرور الزمن 💔💔
السودان ماضيهو اجمل من حاضرو
بنحاول جاهدين نبرز ليكم كل هو ما مختص بالسينما ان شاء الله..ولو عندكم مقترحات او افكار او اعمال نشرت ممكن برضو
منتظرين كتابات اكتر عن السينما السودانية
واول مرة اعرف في مجلة مختصة بالسودان حاجة مبهجة والله
مجلة السودان بتحاول دائما تلقي الضوء على السينما السودانية..وممكن تتعرف على المجلة أكتر من خلال زيارتك للاقسام التانية من تاريخ وسياحة ورياضة وصحة وأدب ومطبخ..حتلقى كل ما يخص سوداننا الحبيب من معلومات وفيرة وقيمة جدا حتثريك كقارئ ومشاهد
انتو قلتو سقطت وحنبنيهو والسينما حتقوم وللآن السينما زي ما هي عندنا ليه
حنبنيهو كلنا ان شاء الله كصناع سينما وجمهور متذوق للفن..همتنا بس وما نيأس وحنبنيهو كلنا
تقريبا كتاب كمال ابراهيم بتاع تاريخ السينما في السوداني لاقاني في معرض الكتاب
حتكوني محظوظة لو قريتيهو ..كتاب قيم شديد من ناحية معلومات قيمة للسينما السودانية
أول مرة أعرف انه سينمتنا ليها 100 سنة هههههههههه
بس اعلامنا ماقادر يروج ليها صح عبر السنين دي كلها على ما أعتقد
تخيل بس والله اكتر من 100 سنة في حالة خجل وانتشار للجمهور المحلي والعالمي للأسف
أول مرة أسمع عن الافلام القلتها دي ممكن أشوفها وين لأني مهتمة شديد بالسينما السودانية
حاليا بتتعرض في مهرجانات..وقريبا حتتعرض في ادوار السينما المختلفة
السينما السودانية محتاجة شغل كتيير وغربلة وجذب للمنتجين.
أنا كزول سوداني محتاج أعرف أكتر عن السينما حفت بلدي فمنتظر منك أكتر عن باقي الافلام التاريخية القديمة
حاليا في شغل كتير من صناع السينما السودانية شغالين ينتجو ويصنعو في افلام جدا مميزة..ان شاء الله لقدام نقدر نبرزها في المجلة هنا بتمعن واسهاب
مخرج فيلم المحطة هو عمه الطيب، قريبي وزول حياته كلها سينما حوريهو المقال ده ان شاء الله
يا سلاام ياخ..لو في طريقة ممكن نقابل الاستاذ القدير نكون شاكرين للاستفاده والافادة
منتظرين أكتر عن السينما السودانية بما أنه المجلة دي مختصة بالسودان
لو راجعتا مقالات السينما السودانية في المجلة حتلقى بعضا من الأعمال السينمائية السودانية مطروحة..شكرا على المرور