الفيلم يطرح ويتناول العديد من المسائل من نواحي فلسفية عميقة، نقلها لنا ستانلي في قالب سوداوي عنيف، مليء بالمشاهد المستفزة والمقززة في بعض الأحيان، بل كانت تلك المشاهد هي جوهر الفيلم وجزء أصيل من القصة.
الإنسان بطبعه الأصيل وفي جوهره هو كائن شهواني، لسنا نفرق كثيرا عن الحيوانات، بل يعرف البعض الإنسان على أنه حيوان ناطق Rational animal (الأرسطية، نسبة للفيلسوف أرسطو).
الأخلاق تكونت مع الزمن، وحتى الأخلاق نفسها ليست بثابته، بل هي أكثر دينميكية وتتغير بتغير الزمان والمكان وتطور الإنسان نفسه، فمن الممكن جدا أن ما هو الآن يعتبر مشروع ولا لَبس فيه، أن يصبح بعد حين من المحظورات والعكس.
ستانلي كوبريك العظيم أخذنا في جولة عنيفة وشهوانية عاكساً حيوانية البشر والتي ما زالت إلى اليوم.
أليكس بطل الفيلم، شاب ثلاثيني لا يتردد عن فعل أي شيء مهما كان، منزوع الأخلاق، لا يرمش له جفن، إنسان غاب بمعنى الكلمة، مُغتصب، قاتل ومجرم، شهواني لأبعد حد، وأينما ساقته شهواته تبعها واشبعها غير آبه بالضحية.
من القضايا التي ناقشها الفيلم وأعتبرها قضيته الأساسية، قضية الأختيار والإجبار، ففي بداية الفيلم أليكس ورغم كل الأهوال التي فعلها الا أنه بدى كشخص عادي للعامه، كونه إختار بنفسه أن يكون شهوانياً تابعاً لغرائزه، غير آبه بأي شيء.
على العكس تماماً حينما حاول المجتمع إصلاحه إجباراً وبالقوة بدون إختيار، وكبت قراراته وحصر تحركاته، مما قاده حتى للشروع في الإنتحار.
فقط تأمل معي هذا، حاول الإنتحار لكون المجتمع نوى إصلاح عقله، لكن إجباراً، بالإضافة إلى ذلك هو لا يرى أي ضير في الممارسات والأفعال والجنايات التي أرتكبها، وإجباره على فعل العكس ليس الطريقة السليمة.
في نهاية الفيلم، يقرر أليكس أن يكون إنسان متزناً غالباً لشهواته، مائلاً أكثر لإنسانيته، بإختياره هو، ليس مجبراً ولا مكرهاً، وقالها في آخر مشاهد الفيلم (أليكس): لقد شُفيت.
شُفي بإختياره هو للشفاء.
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom