أنماط سبل كسب العيش بإختصار هي الأنشطة والإمكانيات التي يتحصل منها الناس على قوتهم.
إن التعرف على أنماط سُبل كسب العيش في أي دولة تعطينا فكرة واسعة عن طبيعة بيئة الدولة ومعرفة النشاط الإقتصادي للسكان فيها.
وأن هذا بدوره يعكس لنا طبيعة الحياة الإجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع.
لكي يتسنى لنا الحديث عن أنماط سُبل كسب العيش في السودان أولاً لابد لنا من إعطاء خلفية عن طبيعة النظام البيئي في السودان.
نجد أن السودان يتمتع بموقع جغرافي متميز مترامي الأطراف في شمال شرق أفريقيا، هذا الموقع الجغرافي جعل السودان يتوسط قلب القارة الأفريقية حتى أن بعض الباحثين أطلقوا عليه ((لفظ أفريقيا المصغرة)).
يجاور السودان سبع دول عربية وأفريقية وهي(( مصر، ليبيا، إثيوبيا، إريتريا ، تشاد، جنوب السودان، جمهورية أفريقيا الوسطى)). يتمتع السودان بمناخ صحرواي في الشمال بينما نجد مناخ السافنا الغنية والفقيرة في غرب ووسط السودان. وأن هذه البيئة المناخية في مختلف مناطق السودان تدل على كثرة الموارد الطبيعية التي تتمثل لنا في الأراضي الزراعية، والثروة الحيوانية، والثروة السمكية، والثروة المعدنية، والغابات.
عرف أهل السودان زراعة القمح والدخن منذ عهد كوش، وذلك لإعتمادمهم على هذة الحبوب في غذاءهم الرئيسي.
ومازال السودان يعتمد اعتماداً رئيسياً على الزراعة خاصة الزراعة التقليدية.
إضافة إلى الرعى و الصناعات المرتبطة بالمنتجات الزراعية مثل((المنسوجات القطنية والزيوت)).
في فترة الستينيات كان أغلب أهل السودان يعملون بالزراعة والرعي وقلة منهم تجار و آخرين يعملون في الجهاز الحكومي الذي يشرف علي إدراة الدولة.
في الريف السوداني يعتمد السكان في سُبل كسب عيشهم على النشاط الغابي(الإحتطاب)، و الزراعة خاصة الزراعة المطرية، وأهم منتجاتهم (الذرة والدخن والفول السوداني والسمسم والقطن…الخ).
و أيضا يقوم الرعاة في الريف بتربية القطعان من الضأن والماعز لأجل بيعها وتصديرها.
أما في المناطق الحضرية، والمدن الكبرى في السودان تتعدد، وتتنوع أنماط سبل كسب العيش .حيث يتدفق الناس من الأرياف بحثاُ عن العمل. والملاحظ أن الزراعة تعرضت لإهمال في فترة التسعينيات لأن البترول كان يدر أموالاً وفيرة للسودان.
وبالرغم من النمو الإقتصادي الذي شهده السودان من جراء صناعة البترول إلا أن السودان ظل يعاني الفقر والقصور في خدمات البني التحتية خاصة الأرياف، ونتيجة للتهميش في الريف وعدم إعماره هاجر السكان من الريف للمدن بحثاً عن سبل العيش من أجل العمل في التجارة، أو المصانع …الخ.
بالرغم من وجود الأنماط التقليدية التي كان يعتمد عليها السودانيين في كسب قوتهم إلا أنه من الملاحظ فقد ظهرت أنماط جديدة لكسب العيش. وأن هذه الأنماط الحديثة ربما جاءت نتيجة لعدة أسباب منها التغيرات العالمية مثل التكنولوجيا الحديثة.
ومن هذة الأنماط الحديثة في السودان نذكر منها الأتي:
* التجارة غير الشرعية مثل التجارة في الممنوعات (المخدرات).
* ظاهرة الإغتراب حيث هاجر عدد كبير جداً من أبناء السودان إلى دول الغرب ودول الخليج من أجل الحصول على العمل وطلب الرزق.
* ظهر نمط التكسب من الولاء و الإنتماء لبعض الناس في فترة حكومة الإنقاذ.
* التعدين الأهلي خاصة في مناطق شمال وشرق السودان.
* الأعمال الحرفية مثل الحدادة والنجارة ودباغة الجلود …الخ.
* تجارة العملة (السوق الأسود) التي مازالت متفشية في السودان ولم تستطيع الدولة السيطرة على تجار العملة.
* الأعمال اليدوية الخاصة بالنساء حيث نجد بعض المطاعم التي انتشرت مؤخراً ويشرف عليها النساء.
* ظاهرة ستات الشاي فنجد ست الشاي تعمل طول اليوم من أجل الحصول علي العيش لأجل أبناءها.
* ظاهرة التسول التي تتربط بأطفال الشوراع المنتشرين في كل شوارع الخرطوم حالياً.
*نمط التكسب من التعليم بمختلف مراحله (أساس – ثانوني- جامعي- معاهد).
أكثر أنماط سبل كسب العيش التي تمارس في السودان هي الأنماط الزراعية والرعوية خاصة في المناطق التي تقع بالقرب من الشريط النيلي والمناطق ذات الأمطار حيث تقوم بالزراعة المطرية ،أما القطاع الصناعي في السودان لم يعطى أهمية كبيرة لذلك نجد أغلب المصانع متوقفة عن العمل أو لاتوجد بها معدات التصنيع الحديثة او تحتاج إلى قطع غيار.
أي لاتوجد بنية أساسية للعمل الصناعي في السودان ،حيث كان مشروع الجزيرة علي سبيل المثال الذي يعد من أكبر المشاريع في السودان ويعمل فيه معظم المواطنيين السودانيين لكسب عيشهم فقد توقف عن العمل في فترة حكومة الإنقاذ بسبب عدم توفر قطع الغيار للمعدات الصناعية.
في الآخر وجدت أن أنماط سبل كسب العيش في السودان تنقسم إلى قسمين هما العمل في القطاع العام والعمل في القطاع الخاص. ايضا أن أنماط سُبل كسب العيش في السودان تتعدد بتعدد الإحتياجات وحسب التغيرات البيولوجية للسكان فلا يوجد حصر مغلق لأنماط سبل كسب العيش في السودان. لأنها تتجدد دائماً فكلما كانت هنالك حاجة ماسة برز لنا نمط جديد لكسب العيش ولايقف المواطن السوداني مكتفاً يداه بل نجده يتحرك في حدود نطاقه الضيق جداً، فحتي الذين يعملون في القطاع العام للدولة نجدهم يكافحون من أجل الحصول علي الرزق، فبجانب عملهم في القطاع العام يعملون عملاً خاصاً بهم وهذا إن دل فإنه يدل على قلة الأجور في القطاع العام.
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom
2 تعليقات
مقال موفق
نسبة كبيرة جدا من السودانيين معتمدين علي الماشية في حياتهم وبعض القبائل (الرحّل) كل حياتهم مرتبطة بالماشية يسافرون بها شاملا وجنوبا شرقا وغربا
والسودان مسجل ارقام عالمية من حيث اعداد المواشي إقليميا وعالميا خصوصا البقر والضان والابل
الدولة عندها فرصة كبيرة جدا تربط بين موقعها الجغرافي المميز وثرواتها العندها وتكون واحدة من أكبر المصدرين في دول المنطقة للحوم ومنتجاتها والمنتجات الغذائية المرتبطة بيها والحبوب إضافة للخضروات والفواكه
اتناولتي موضوع جميل جدا .
ورجعتي للدليل من فترة حكم مملكة كويش.
طبعا ماحضرنا مملكة كوش لكن يظهر اننا منذ ذلك التاريخ ما اتطورنا خالص طريقة الزراعة ياها نفسها وطريقة الرعي والمباني السكنية حتي الشكل العام للدولة بوضح اننا عايشين في زمن ماقبل كوش .