الذكريات التي لا تموت تُمِيْت، إنها كالسرطان، تتغلغل داخلك رويدًا رويدا حتى تتمكن منك كليًا وتطرحك أرضًا.
الذكريات صداع مزمن ينهشك شيئًا فشيئًا، إنها يا صديقي شيء يظهر من اللا شيء. أنت جالس الآن تتناول وجبة غدائك بشراهة وفجأة تقفز إلى عقلك ذكرى سيئة من ماضيك تزلزل أركان قلبك وتحول وجبتك الدسمة إلى حنظل، ثم ما بالك بفتاة تحتفل وسط صويحباتها بعيد ميلادها وفجأة تسترجع ذكريات عيد ميلادها السابق عندما كانت تحتفل رفقة من أحبته بصدق فخذلها؛ ها هي تترك الإحتفال وتذهب إلى غرفتها وتنكمش في ركن مظلم لا يرافقها فيه سوى بعض الدمعات المنهمرة حزنًا على خديها.
الذكريات ما هي سوى حربًا ضروسًا مع ماضينا نقاتل فيها بكل ما أوتينا من وجع محاولين جاهدين أن نربح المعركة بسلاح النسيان.
تُشْبِه تمامًا لسعة نحلة بينما أنت نائم بكل هدوء تحت شجرة الليمون خاصتك فتوقظك وكلك وجع، ألمها يعادل ألم إصبع قدمك الصغير حينما يتلقى ضربة من على حافة بابك.
هي أشبه بثأر قديم يلاحقك في كل لحظة من لحظات حياتك طالبًا القصاص منك، تشبه كل شيء موجع في هذا الكون، إن كانت جميلة نبكيها شوقًا للرفاق الذين شاركونا إياها، وإن كانت سيئة نبكيها كرهًا.
احذر الذكريات، احذر أن تجعلها رفيقة دربك، إما أن تتخلص منها أو سوف تتخلص منك هي.
#الدرويش