بعد مغادرتنا للدر، صبيحة الثاني من مارس لعام 1813م؛ ركبنا زهاء النصف ساعة بمحاذاة أحراج النخيل وبيوت الفلاحين حسنة البناء، ثم ارتقينا الجبل الشرقي، لأن الطريق الممتد على ضفة النهر تقطعه الصخور، وعلى قمة الجبل الشرقي يوجد سهل فسيح تغطيه شظايا من الحجر الرملي المفكك، ويحفه من الشرق على مسيرة ساعتين سلسلة عالية من الجبال.
واصلنا السير ميممين غرب الجنوب الغربي مسيرة ساعتين ونصف إلى أن هبطنا ضفة النهر ثانية بالقرب من قرية قتة، حيث أنخنا بعيرنا على جزيرة تابعة لها، وقضينا الليل فيها.
أما في وصف سكان قرية قتة كما جاء على لسان بوركهارت: فأهل هذه القرية يتكلمون العربية والنوبية على السواء، ولهم بشرة سوداء ولكن ليس فيهم من قسمات الزنوج، وملابس الرجال فيها وزارة يلفونها على خواصرهم، أما النساء فيلقين على اجسامهن قمصانا من نسيج خشن، ويرسل الرجال والنساء شعر رؤوسهم ويقصونها من فوق العنق، ويعقصونها ضفائر رفيعة على طريقة أهل سواكن، الذين صورهم مستر سولت في كتاب “أسفار لورد فالنسيا”، وشعرهم كث لكنه ليس صوفي القوام، ولا يمشط الرجال شعورهم قط، أما النساء فيمشطنها أحيانا.
وتلبس النساء في آخر رؤوسهن عقوصا وحليا صغيرة من الودع أو الخرز المصنوع من الزجاج البندقي، ويدهن الرجال والنساء شعورهم بالكركار إذا تيسر، ولهذا فائدتان: ترطيب الجلد الملتهب من القيظ أولا؛ وإقصاء الحشرات عنه ثانيا، أما صبيانهم الصغار فعراة، أما فتياتهم اليافعات فيشددن حول خصورهن مناطق من الشراريب الجلدية والتي تشابه الريش الذي يلبسه سكان جزائر البحار الجنوبية للغرض نفسه.
223
المقال السابق