في قلب مدينة أم درمان إلى الجهة الغربية من ضريح الإمام محمد أحمد المهدي (مؤسس دولة المهدية الإسلامية في السودان في الجزء الأخير من القرن قبل الماضي) ينتصب مبنى عتيق لا يشبه بقية معالم المدينة الحديثة، شُيد إبان الفترة الاستعمارية، و حمل عبر تاريخه مسميات عديدة، لكن سكان المدينة العتيقة لا يعرفون له اسم غير (مبنى البلدية).
في الصفحة الشرقية لمبنى البلدية تقوم منارة من الطوب الأحمر تعانق السماء، وفي أعلاها وضعت ساعة شهيرة ظلت لعقود معلماً من معالم أمدرمان، عرفت عند أهلها بساعة البلدية، وكانت حتى عقود تطلق دقات مسموعة عند رأس كل ساعة، لكنها توقفت عن العمل الآن، وقد بذلت جهود من سكان المدينة لترميمها لكنها لم تفلح.
يقول قدماء من المدينة إن الساعة نصبت في العام (1954) قبل إستقلال السودان، وكانت ترن أجراسها مع صوت إذاعة أم درمان في آن واحد. يقال أن الساعة توقفت بعد إخلاء المستعمر البلاد إلا أنه في أواخر التسيعنيات، اهتم مسؤولي محلية أمدرمان بتشغيلها لإهتمامهم الكبير بالمعالم الأثرية القديمة، وتم ذلك لكنها توقفت للمرة الثانية لعدم وجود قطع غيار، بجانب عدم وجود فنيين يقومون بإصلاحها وتشغيلها.
وبعد ذلك اختفى صوت الساعة التي كان يسمعها سكان المدينة، يقول أحد أهل أمدرمان إن المستعمر نصب الساعة لضبط العمل الإدراي، ولأهمية الوقت عند الإنجليز ، ووقتها كانت أم درمان مدينة صغيرة فقاموا بضبطها بالوقت، وهذا كان نوعاً من الإدارة الحديثة للإنجليز في ذلك الوقت.
ويضيف الأمدرماني متحسراً .. للأسف توقفت الساعة بالرغم من وجود غرفة تشغيل خاصة بها، وذلك لعدم وجود الإهتمام بمثل هذه الأشياء، من قبل المسؤولين بالرغم من أن أم درمان مليئة بالأشياء الأثرية مثل منزل الحاكم الانجليزي برمبل «جوار متحف الخليفة الحالي» ويضيف الآن ينظرون للآثار القديمة بأنها من صنع المستعمر لذلك ليست لها الأولوية.
ويقول هذه الساعة تمثل طابع حضاري للمدينة، فمن يقف من بعيد وينظر إلى هذه الساعة يجد نفسه وسط منظر جميل، حيث تمثل واجهة رمزية وأثرية للمكان.
ويذكر الأمدرماني بأن الساعة كانت تساعد سكان المدينة في مواعيد إفطار شهر رمضان، فكان الناس يفطرون علي دقاتها، ولها أهمية كبرى في مدينة أم درمان فصوتها يسمع في كل أنحاء أم درمان القديمة، يسمعه القريب والبعيد والمارة والعابرة بالطريق .. يقول .. بالرغم من وجود أشياء مثل هذه الساعة ذات قيمة رمزية للمدينة لم تجد الإهتمام الكبير للمحافظة على الموروث الأثري لها، والطابع الحضاري العريق.
1 تعليق
الساعة ركبت في المبني في الستينات في عهد الفريق ابراهيم عبود ولم يركبها المستمر. لا تشوهوا التاريخ.