عهد الإنقاذ “٢”
من بدايات سنوات حكم البشير إلى نهايتها.. ثلاثة عقود من حكم العسكر، مليئة بالأحداث والمشاكل والحروب- كانت كفيلة بأن تهدم ماتبقى من الإقتصاد المتهالك الموروث من حكومات سابقة، فشلت في حل مشاكل السودان – والتي سنتطرق إلى بعضها هذه الجزئية.
محطات من العقد الأول لحكم البشير
– السودان دولة راعية للإرهاب أغسطس /١٩٩٣:-
بحلول عام ١٩٩٣ في أغسطس تم إدراج اسم السودان تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ من قبل وزارة الخارجية الأمريكية بسبب إستضافته لأسامة بن لادن و نائبه أيمن الظواهري – بغرض تدريب عناصر القاعدة في مزارع امتلكها بن لادن، بعد أن منحتها له الحكومة السودانية كحصة إستثمارية – وبطبيعة الحال كان بن لادن مقرباً من الجماعة الإسلامية، التي تحكم البلاد، و التي تتبنى شعارات جهادية ضد الغرب و دول الجوار التي تتوافق معه، علاوة على أنهم فتحوا البلاد للجماعات المتطرفة من جميع أنحاء العالم.
كما أن نظام البشير كان يدعم جماعات إسلامية متشددة أمثال حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وجماعة حزب الله اللبنانية.
كان وضع السودان تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب، له اثرا سلبيا على الإقتصاد السوداني؛ حيث أن الولايات المتحدة امتنعت عن تقديم مساعدات اقتصادية، و بهذا أدى فعلياً إلى منع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي من التمويل، أو تخفيف الديون عن كاهل الخرطوم.
-حل مجلس قيادة الثورة أكتوبر /١٩٩٣ :-
وفي أكتوبر ١٩٩٣ حل المجلس نفسه تلقائياً، و انتقلت السلطة إلى رئيس الدولة، و السلطة التشريعية السودانية، و قد نتج عن ذلك تجميع غالبية السلطة في يد عمر البشير.
-تورط البشير في اغتيال حسني مبارك يونيو / ١٩٩٥:-
أشارت العديد من أصابع الإتهام، إلى تورط نظام البشير، والجماعة الإسلامية، وضلوعهم في محاولة اغتيال الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، و حسب ما صرح به الترابي في إعترافاته المسجلة على قناة الجزيرة . أما المصريين و بعد وصول البشير للسلطة عبر الإنقلاب ظنوا أن ما حدث لصالحهم، و دعموه ثم بعد بعد فترة اكتشفوا أن نظامه في السودان خصم له. حيث أن محاولة الإغتيال حدثت عندما ذهب حسني مبارك للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ لحضور القمة الأفريقية في يونيو ١٩٩٥ وحينها تعرض موكبه لإستهداف من قبل مسلحين، ولكن حراس الرئيس نجحوا في تصفية اثنين من المنفذين قبل أن يقرر مبارك الذهاب للمطار، و العودة للقاهرة خشية وجود استهداف آخر في الطريق.
– الانتخابات العامة في السودان مارس /١٩٩٦:-
جرت أول إنتخابات رئاسية منذ انقلاب الثلاثين من يونيو في عام ١٩٩٦، هذا وقد تم انتخاب عمر البشير رئيسا للجمهورية لمدة خمسة أعوام. و من صلاحيات الرئيس تعيين الحكومة. أما الجهاز التشريعي فيتمثل بالمجلس الوطني الذي بتكون من ٤٠٠ مقعد.
- النائب الأول لرئيس الجمهورية : على عثمان محمد طه.
- وزير الخارجية : مصطفى عثمان إسماعيل.
- وزير الداخلية : عبد الرحيم محمود.
- وزير الدفاع :بكرى حسن صالح.
- مدير جهاز الامن و المخابرات : نافع علي نافع.
وفي نفس العام هذا ١٩٩٦ أوقفت الولايات المتحدة سفارتها عن العمل في الخرطوم.
– عقوبات مالية، و تجارية على السودان نوفمبر/ ١٩٩٧:-
وفي نوفمبر ١٩٩٧أصدر الرئيس “بيل كلينتون” قراراً تنفيذياً بفرض عقوبات مالية، وتجارية على السودان، تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية له، و ألزمت الشركات الأمريكية، و المواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار، و التعاون الإقتصادي مع السودان. و جاء في القرار :
“إن السودان يمثل مصدر تهديد لأمن الولايات المتحدة القومي و لسياستها الخارجية”.
– استهداف مصنع الشفاء و شن هجوم عليه أغسطس /١٩٩٨:-
شنت الولايات المتحدة هجوماً صاروخياً على مصنع الشفاء للأدوية في السودان؛ بسبب قيام المصنع بإنتاج المواد الكيميائية، و تجهيز غاز الأعصاب Vx القاتل- و كان لدى المالكين روابط مع جماعة تنظيم القاعدة، وأسامة بن لادن – التي تدخل في صناعة أسلحة الكيميائية حسب ما قالت الولايات المتحدة في أعقاب الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة في العاصمة الكينية نيروبي، وعاصمة تنزانيا دار السلام.
– خلاف الإسلاميين ديسمبر /١٩٩٩ :-
طوال هذه الفترة منذ تولي البشير السلطة كانت الدولة تدار بواسطة الجبهة الإسلامية، وأعضائها ، و لكن حدث خلاف في عام ١٩٩٩ بين الترابي، و البشير حينما كان الترابي يخطط لإصدار قرارات برلمانية تستهدف عزل رئيس الجمهورية، وقتها فاجئه البشير بقرارات رئاسية تستهدف عزل رئيس البرلمان. حينها قامت الحكومة بتجريد حسن عبد الله الترابي من جميع صلاحياته كرئيس للمجلس و اُتهم أيضا بمحاولة نزع السلطة. و اتهم الترابي البشير بالخيانة، وقتها أصدر الرئيس مرسوماً أعلن فيه حالة الطوارئ في البلاد لفترة ثلاثة أشهر؛ كما أمر بحل البرلمان مانعاً بذلك نقاشاً برلمانياً من أجل إجراء تعديل دستوري يحد من سلطته. تلك القرارات التي سميت في الفقه السياسي السودانى بـ(قرارات رمضان) كانت بداية المفاصلة الكبرى داخل الحكم الإسلامي في السودان.
بنهاية القرن العشرين ظلت الساحة السياسية في السودان تشهد صراعاً في كرسي الحكم و تدهور غير مسبوق في الإقتصاد ، علاوة على العديد من المشاكل.