كعادة كل فرد منا أن يستيقظ كل يوم صباحاً و يغلبه النعاس مع حلول الظلام، عادة تلقائية لم تلفت نظرنا يوماً لسبب حدوثها وما الذي يجعل الصباح هو المحفز للإستيقاظ، والليل هو جالب النعاس و النوم تباعاً له.
الجسم البشري يعتبر معجزة ربانية، حيث أنه يحمل تنظيما دقيقا لكل جزء منه، ومن هذه التنظيمات إستجابته لليل والنهار وتتابع الفصول بصورة مبهرة و دقيقة، وبالطبع يعتبر المنظم الأول لوظائف الجسم كافة هو الدماغ، أو في هذه الحالة جزء معين من الدماغ موجود في الغدة النخامية، مكوناً ما يسمى بإيقاع الساعة البيولوجية المسؤولة عن جعل الجسم يواكب مع توالي الليل والنهار على مدى الأربعة وعشرين ساعة.
قد تكون هناك العديد من المحفزات لحدوث تلك الظاهرة و لكن أقواها وأهمها هو الضوء، فهو ببساطة الدليل الأكبر على طلوع الصبح و حلول الليل، مع إختفاء الضوء كدلالة على حلول الليل، تبدأ الغدة النخامية بإفراز هرمون الميلاتونين المعروف بهرمون النوم، و منه تبدأ درجة حرارة الجسم و ضربات القلب بالإنخفاض.
ما الضرر الذي يسببه إضطراب الساعة البيولوجية؟
الجدير بالذكر أن أعضاء الجسم الرئيسية جميعها تحتوي على خلايا تستجيب للساعة البيولوجية تاركة أثراً على وظائف الجسم عامة
مثل خلل إفراز الهرمونات، تقليل المناعة، التأثير على عمليات الأيض، تنظيم السكر والكوليسترول مما قد يسبب داء السكري و السمنة، وقد تسبب أيضاً اضطرابات نفسية كالإكتئاب وإضطراب ثنائي القطب، كما أنها على المدى البعيد قد تؤثر على الذاكرة ووظائف المخ، و أيضا قد تؤدي للإصابة بالإدمان، إرتفاع ضغط الدم وزيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب.
ما الذي يؤدي إلى إضطراب الساعة البيولوجية؟
– التنقُل أو السفر، حيث أن إختلاف الخط الزمني بين الأماكن قد يسبب بعض الإضطراب في الساعة البيولوجية وتباعاً لذلك إضطراب في النوم.
– إصابات الرأس و إضطرابات الذاكرة قد تؤثر سلباً على وظيفة الغدة النخامية.
– عدم التعرض للضوء و أيضاً العمى الذي قد يقلل الإستجابة للضوء، مما يؤثر في الساعة البيولوجية بزيادة ساعات النوم أو تقليلها.
– النوم نهاراً والإستيقاظ ليل، سواء كان بسبب بعض الأمراض الجينية النادرة التي تؤثر في معدلات النوم، إستخدام المنبهات أو النوم نهاراً لفترات طويلة مما يؤثر في معدل النوم ليلا.
أخيراً كيف يمكنك مساعدة ساعتك البايولوجية على العمل؟
– الإبتعاد عن المنبهات قبل وقت النوم.
– التعرض لضوء الصباح وتقليل الإضاءة ليلاً.
– زيادة النشاط الجسدي أثناء النهار و تقليل وقت القيلولة.
قد لا يكون إضراب الساعة البيولوجية شيئا خطيراً جدا، إذ أنه يمكن تعديله بإتباع نظام معين والمحافظة على صحة جسدك و زيادة مناعتك، ولكن في حالات الإضطرابات الشديدة و تأثيرها على صحتك الجسدية ووظائف المخ يستوجب أحياناً أخذ بعض الأدوية التي تحتوي على الميلاتونين للمساعدة على عمل ساعتك البيولوجية.
الجدير بالذكر أن الحيوانات والنباتات تحتوي أيضاً على ساعة بايولوجية تستجيب للمؤثرات الخارجية، سواء كان تتالي الليل والنهار، حيث أن بعض النباتات تتفتح زهورها صباحاً وتسعى بعض الحيوانات للإختباء والظهور مع حلول الظلام، إلى تتالي الفصول وظروف الطقس مما يجعل نموها يتأثر و يعتمد نوعاً ما عليه.