“من أجل قياس قيمة شخص ما ، عليك أن تمنحه القوة ، عندما يكتسبون حرية التصرف خارج حدود القانون و الأخلاق ، سوف ترى بريق أرواحهم” _ شوغو ماكيشيما
القصة:-
تدور أحداث قصتنا في عالم مثالي , يخلو من كل أشكال المعاناه و الحزن ، يحكمه نظاام يدعى (sypil) , يراقب كل أفراد المجتمع عبر ما يعرف بال(سايكو باس) و هو ماسح ذهني مستمر يعمل على دراسة التقلبات الذهنية عن طريق قياس معدل التوتر, الخوف , الغضب و كافة الأحاسيس ثم عرضها بشكل لون يحدد ما أن كان الفرد خطرا على المجتمع أم لا .
كل حالة ذهنية تحدد بتدرج لوني تبدأ بالابيض الناصع و هي الحالة المثالية مرورا ببقية الالوان ليصل الى اشد الحالات خطورة إلا و هو اللون الأسود , ف كلما ازدادت عتمة اللون ازدادت قابلية الفرد بأن يكون تهديدا على المجتمع حتىو إن لم يرتكب جريمة مطلقا .
يحق للنظام بان يجبر ذوي التقييم الذهني معتم اللون على اخذ جلسات علاجية لتقويم حالته الذهنية و في اسوء الحالات التخلص منهم في الحال , بناءا على افتراض انهم كانوا سيجرمون عاجلا ام أجلا .
بالمقابل يمكن للنظام ان يتغاضى عن افعال الفرد اي كانت اذا ما كان لون تقييمه الذهني ناصعا , مما يشكل ثغرة في نظام يتصف بالكمال.
يتحكم النظام في كافة جوانب حياة افراده , من تحديد صفات الطفل ، مقدراته , مجاله الدراسي , و حتى اختيار شريك حياته .
لضمان استقرار المجتمع و استمراريته جرد هذا النظام افراده من ارادتهم مقابل ان يعيشوا حياته خالية من الصعاب و المشقة , حياة مسالمة لكنها خالية من الالوان ….. لكن هل يمكن ان نطلق عليها “حياة” ؟
يتخذ نظام (سيبل) مبدأ المنفعة وهي نظرية أخلاقية تنص على أن أفضل سلوك يمكن أن يقوم به الإنسان هو ذلك الذي يحقق له أقصى منفعة ممكنة , متجاهلا الجوانب الاخلاقية .
الشخصيات :-
تقدم لنا القصة شخصيات بوجهات نظر مختلفة , فكل منهم له رأيه الخاص بمدى فعالية النظام و ما ان كان هو الخيار الامثل، منها :-
اكاني تسونيموري : فتاة شابة تنضم حديثا الى قسم الحماية العامة , وظيفتها هي الخضوع لأوامر النظام و القبض على المجرمين الكامنين ( ذوي التقييم الذهني معتم اللون) .
تمثل اكاني النافذة التي نشاهد من خلالها احداث القصة فهي ايضا تراودها شكوك حول ما ان كان النظام مثالي و تسعى للقيام بواجبها في المجتمع دون ان تفقد انسانيتها .
كوغامي شينيا : شخصية محطمة تحركها الرغبة في الانتقام من قاتل صديقه دون أن ينظر إلى العواقب , يعمل في قسم الأمن العام ك(منفذ) و هو شخص ذو تقييم ذهني معتم و لكن يتمتع بذكاء و سرعة في اتخاذ القرارات دون الاهتمام ما ان كانت ستأثر في تقييمه الذهني تم تجنيد من قبل النظام . يقف كوغامي رافضا لاسلوب النظام في تحقيق العدالة و يرى الان الانتقام هو اصح سبيل لنيل مبتغاه .
شوغو ماكاشيما : شخصية ساحرة تقدس الحياة بكل معانيها و ترى بأن النتائج لا تحدد بالافعال بل بالنوايا , قاتل متسلسل عديم الرحمة يقف عائقا في وجه النظام و يسعى بكل ما يمكن ان يدمره.
يرمز شوغو للارادة البشرية , تلك الشعلة التي تحرك غريزتنا وتوجه كل منا إلى مبتغاة ، و يرفض ان يحدد مستقبله نظام معطوب .
يستل شوغو بمعوله و يعد بان يهدم كل ما هو قائم عليه نظام (سيبل) في سبيل ان يعيش البشر حياة كاملة بكل ما تحمله من احزان و افراح .
الجانب الفلسفي :-
تطرق هذا العمل إلى فكرة (المدينة الفاضلة) التي تم اقتراحها من عدة فلاسفة قدماء من ضمنهم الفيلسوف الشهير (افلاطون) , حيث رأى بأن اكثر وسيلة فعالة للحفاظ على استمرارية و ازدهار المجتمع هي بتقسيم افراده الى ثلاث طبقات :-
طبقة حاكمة : ينتمي اليها المفكرون و ذوي العقلانية , يجب ان يتجرد كل من فيها من احاسيسه و أن يستخدم عقله لاتخاذ القرارات متناسيا ما يمليه عليه قلبه .
يجرد كل من في تلك الطبقة من حق الملكية و يتم عزلهم و ابعادهم عن كل مغريات الحياة خوفا من طمعهم في السلطة.
طبقة الحراس: يمثلون القوى الرادعة لكل ما قد يهدد المجتمع و نظامه , يجب أن يتصف كل من فيها بالشجاعة و القدرة على اتباع الاوامر من دون التشكيك فيها .
الطبقة العامية : تتكون من القوى العاملة و هي تمثل المحرك الذي يدور به اقتصاد المجتمع و نموه .
يحق لمن في هذه الطبقة الامتلاك و التصرف بكل ما يتيح لهم شرطا ان لا يأثر على استقرار النظام .
مدينة افلاطون الفاضلة تمثل واقعا خاليا من كل آلام النزوات البشرية , مسير كالالة كل ترس يعلم موقعه و لا يجرأ أن يخرج عنه , رفض افلاطون مبدأ لطالما كان ذا اهمية للانسان الا و هو “الارادة الحرة” , ففي وجهة نظره تلك العبارة هي سلاح مدمر بامكانه القضاء على كل شيئ يقف أمامه .
الخاتمة :-
يمثله هذا العمل دراسة على فلسفة أفلاطون و يترك للمشاهد أن يقرر ما إن كانت صحيحة ام خاطئة علما بأنه لا توجد إجابة صحيحة او خاطئة .