جدل واسع أثارتها عودة د. عبدالله حمدوك الي رئاسة مجلس الوزراء مرة أخرى بعد أن تم عزله من قبل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان فيما أسماه بإجراءات تصحيح مسار الثورة في ال25 من أكتوبر الماضي والتي وصفها قطاع واسع من الشارع السوداني وقوي الحرية والتغيير بالانقلاب مكتمل الاركان علي الحكومة الانتقالية.
عاد حمدوك بإتفاق سياسي جديد وقعه مع الفريق البرهان تتشكل بموجبه حكومة من كفاءات مستقلة بعيدة عن المحاصصات الحزبية والتشاكس السياسي كما جاء في الاتفاق.
الخطوة رحب بها البعض ورفضها طيفا واسعآ من الشارع بالاضافة الي تجمع المهنيين الذي وصف الاتفاق بأنه خيانه عظمي وطعنة في الظهر من قبل حمدوك وشرعنه للانقلاب علي حد وصفه.
اللافت في الامر ان دول الترويكا والاتحاد الاوروبي رحبوا بالاتفاق الجديد رغم وصفهم لاجراءات البرهان بالانقلاب العسكري وكذلك الاتحاد الافريقي الذي علق عضوية السودان .
التطورات الجديدة في المشهد السياسي بإعتقادي لن تحل الازمة بالكامل في ظل رفض الشارع الثوري المتمثل في لجان المقاومة وتجمع المهنيين الذي كان يعتبر الدينمو المحرك لثورة ديسمبر الذين يصرون علي اسقاط المكون العسكري ورافضين لمبدأ المشاركة مع العسكريين ومطالبين بحكومة مدنية خالصة … خاصة بعد ان بدل البرهان الحاضنه السياسية التي وقعت معه الوثيقة الدستورية بحاضنة اخري ممثلة في المجموعة المنشقه من الحرية والتغيير والتي اطلقت علي نفسها اسم الميثاق الوطني والتي اتهمت مجموعة المجلس المركزي بإقصائها والاستئثار بالسلطة.
الازمة السياسية لن تحل بهذه الطريقه المعيبة ، ففي تلك الحالة الشق الذي كان يعاني الاقصاء اصبح هو الطرف الذي يقصي الاخر ، فحل الازمة بحاجة الي توافق وطني واسع ومائدة تجمع شمل جميع الفرقاء لحلحلة القضايا العالقة للوصول الي نقطة إلتقاء.
طريق د.حمدوك ملئ بالمطبات والعثرات فحتي الان لم تتضح الرؤية بعد، وكيف سيشكل حكومته ومع من سيتشاور وماهو دور المكون العسكري في الفترة المقبلة ،وماهي مهمه مجلس السيادة ، وكيف سيواجه الرفض الواسع للاتفاق السياسي مع العسكريين ، وكيف سيقنع الشارع وماهي الضمانات التي قدمها الفريق البرهان حتي يثق به ومن الضامن بأن لا ينقلب مرة اخري وينهي الشراكة متي شاء ، اسئلة كثيرة بحاجة الي اجابات شفافة وواضحة.
علي رئيس الوزراء مواجهة الشارع ومصارحته ببنود اتفاقه مع العسكريين فلا يزال الرفض واسع والتظاهرات مستمرة فالتضحيات التي قدمها شباب ثورة ديسمبر لن يتركوها تذهب هباءآ منثورآ ، فحلم الدولة المدنية والتحول الديمقراطي غير قابل للمساومة واتفاقيات الغرف المغلقة لن تصمد كثيرآ امام ارادة الشارع الغاضب المنادي بمدنية الدولة وسيادة حكم القانون وتحقيق العدالة وقصاص الشهداء.
هل سيدير حمدوك والبرهان ظهورهما لكل تلك الاصوات ، ام سيكون هناك حل وسط يرضي جميع الاطراف.