ربما شاهدت من قبل فيلما يحكي عن بطل قام بزراعة للوجه بعد حادث حركة, و عاد من جديد بوجه جديد لينتقم ممن دبر مكيدة قتله، لا تقلق الأمر ليس حبكة درامية هذه المرة, فدائما ما يجد العلم طريقة لجعل أغرب الحبكات الدرامية حقيقة وواقعا.
بدأت الجهود منذ عام 1400م, و لكن لم تحدث تقدما ملحوظا إلا مع بداية ممارسة الطب الحديث, ففي العام 1917م ومع كثرة ضحايا الحرب العالمية الثانية, قام الدكتور البريطاني هارولد جيليز بزراعة جلد لجندي أصيب بحروق في كلتا جفنيه, حيث قام بأخذ جزء من جلد الرقبة و الصدر للمريض, وزرعه كقناع في الجزء العلوي من الوجه, مما سمح للمريض بأستعادة قدرته على إغلاق عينيه و فتحهما.
توالت الجهود بعدها لسنين عديدة, و حتى عام 2005 حيث كانت أول عملية زراعة وجه جزئية لإيزابيل دينوير, التي قام كلبها بتهشيم الجزء السفلي من وجهها, حيث تمت زراعة المثلث السفلي منه متضمنا الأنف, الشفاه, والفك السفلي مأخوذة من خلايا مريض ميت دماغيا بعملية استغرقت 15 ساعة, عاشت إيزابيل حتى توفيت بسبب السرطان عام 2016 بعمر يناهز 46 عاما، ومنذ عام 2005م تم عمل أكثر من 10 عمليات زراعة وجه جزيئة.
وفي السابع و العشرين من مارس, 2010 تمت أول عملية زراعة وجه كاملة في اسبانيا, المانح 41 عاما توفي نتيجة نزيف دماغي, و المستقبل صاحب ال 30 عاما الذي قام بإطلاق النار على وجهه بالخطأ مسببا أضرارا جسيمة, حيث تمت زراعة جلد جديد, عظام و عضلات الوجه, الأسنان, الشفاه و عظم الفك في عملية استمرت 24 ساعة , تم إعطاءه مثبطات للمناعة و مضادات حيوية, و لم يكن هناك مضاعفات أثناء العملية و لكنه أصيب بمضاعفات بعدها وتم التعامل معها جيدا, خرج بعد 4أشهر من العملية وبدأ في استعادة جزء من الأحاسيس و الحركة و تقبل كامل لوجهه الجديد.
توالت بعدها عمليات زراعة الوجه التي حققت تطورات عديدة, ففي عام 2013 تمت عملية زراعة وجه كاملة في فترة قصيرة و هي 3 أسابيع, عام 2015 كانت أول عملية لزراعة الوجه تتضمن زراعة للجفون, الأذنين, وقشرة الرأس,2018 تمت زراعة وجه ثانية لمريض قام بالفعل بزراعة وجه من قبل في عام 2010 حيث تضرر الأخير بالخلايا السرطانية الوراثية مما جعل زراعة وجه آخر للمريض ضرورية.
حتى الآن حققت زراعة الوجه نجاحات كبيرة و تطورات مبهرة, حيث عالجت العديد من إصابات الحروق, التشوهات الخلقية, وإصابات الحوادث.
حيث تم عمل أكثر من 40 عملية عالميا حتى عام 2016 بنسبة نجاة تتعدى 89%, و التي تتغير- بالطبع- على حسب نوع الإصابة و الأجزاء المتضررة.