لكل عملة وجهان .. ولكل قصة العديد من الروايات .. و مهمة الصحافة هي تسليط الضوء على هذه الاوجه وتفنيد الروايات . و ايضا
قد يظن البعض ان العلوم موضوعها المادة فقط .. تكتب بلغة علمية جامدة و منطقها مادي بحت و هذا نوعا ما تفسير غير صحيح.
نظرا لان الاكتشافات العلمية تحدث على مستوى المادة و لكن تاثيراتها تمس كل جوانب حياتنا و تؤثر على اقتصادنا و جغرافياتنا و معيشتنا شئنا ام ابينا ..
تجارب تحوير الفيروسات لجعلها تصيب فصيلة لم تكن تستطيع اصابتها من قبل .. تجارب الاستنساخ و التعديل الجيني على الحيوانات و النباتات .. تجارب المراحل الاخيرة من السرطان .. تجارب اللقاحات المصممة لمنع الحمل .. التجارب الكيميائية و الفيزيائية على الحيوانات و البشر .. التجارب على المناخ والهندسة الجغرافية .. التجارب النفسية على الاطفال والمساجين و الاسرى .. تجارب هندسة الجماهير التي تهدف لتغير مفاهيم الرأي العام عن طريق الاعلام .. وهذا غيض من فيض .
هذه التجارب ليست سيئة في هدفها الاسمى ( تحقيق الرفاهية و السلام و التطور العلمي للانسان ) و لكن تبرز مشكلاتها الاخلاقيه في جانبين :
.. كيفيه اجراء التجربة و على من تتم و هل تم تطبيق اخلاقيات الابحاث و هل يعلم المشاركون في التجربة انهم في تجربة وهل تمت دراسة جدوى هذه التجارب من قبل طرف محايد ؟
.. ماهو الضمان ان الهدف المعلن هو حقا الهدف الاساسي للتجربة .. بصياغة اخرى كيف لنا ان نضمن ان لا تستخدم هذه العلوم في اغراض سيئة .. كيف لنا ان نضمن ان تخصيب اليورانيوم هو لصنع مفاعل سلمي و ليس قنبلة نووية ؟
اردت ان اضيق الصورة الى هذا الحد لكي اوضح لكم اعزائنا القراء مفهوم ( اخلاقيات البحث العلمي ) وهو مجال علمي و انساني يهتم بدراسة هذه المعضلات الاخلاقية .. واصبح محور اهتمام كثير من العلماء و من اجله درسوا القانون و علم النفس و السياسة والاقتصاد لكي يقفوا على حل لهذه المعضلات الاخلاقيه من جوانبها العديده .
نعم صحيح ان العلوم موضوعاتها المادة ولكن العلماء بشر ولهم اهداف و اخلاق و تحيزات ودوافع . ومثلما تلاحق الصحافة مشاهير المجتمع و تبين دوافعهم و تكافئ جهودهم و تضع اعمالهم في الميزان فبالتالي يجب كذلك ان تضع الصحافة العلمية اهداف العلماء وتجاربهم ( وليس اشخاصهم ) ضمن اختصاصها .
لهذا يجب على الصحافة العلمية بجانب دورها التقليدي كمنصة لنشر العلوم كما كانت دوما و تبسيطها لطالبي العلم بالاضافه لدورها كمنصة لربط العلماء بصانعي القرار يحب على هذه الصحافة العلمية ايضا ان تمارس دورها بالنقد العلمي للاهداف و التجارب و تفاصيلها و تصحيح المفاهيم و التحذير من مخاطر بعض التطبيقات العلمية .
فنحن قبل ذلك جزء لا يتجزأ من مجتمعاتنا المحلية و غاية تعليمنا و تعلمنا كانت ان نخدم مجتمعاتنا المحلية عن طريق العلوم وهذا ما لن ننساه ابدا ..