ستبقى الثقافة معياراً مهماً والتعددية الثقافية هي النواة الصلبة لکل تقدم فکري أو اجتماعي أو معرفي، إن تقدم العلوم والتقنيات لم يکن وليد عبقريات شخصية فقط بل وليد النقد والنقض الذي ساهم إنا بإثبات فشل نظرية ما أو بتطويرها وتحولها الى أداة لها جذورها بالتحولات الهامة في المجتمعات البشرية.
أي مجتمع يبقى منغلقاً رافضاً للانفتاح التطويري الشامل في جميع مجالات الحياة، يتحول تدريجيا الى مجتمع متفكك في نسيجه الاجتماعي، في ثقافته الروحية وفي تقدمه بکافة محاور الحياة.
نفس الأمر ينطبق على الأحزاب، ليس بالصدفة الظاهرة العالمية لهبوط مکانة التنظيمات الحزبية وبدء ظاهرة حرکات المجتمع المدني التي تؤثر على مجرى الفکر والثقافة والتربية.
رؤيتي أن هذا الدور سيزيد اتساعا وتأثيرا.
إن التعددية الثقافية لا تعني التعددية فقط داخل مجتمع محدد، بل تعني أساسا اتساع شبکة التواصل الثقافي والمعلوماتي على مستوى الدول المختلفة في جميع المجالات.
ما يجري لن يکون مجرد تجربة ، بل مساراً لا فکاك منه، سينبذ بتقدمه کل العقليات المغلقة، وکل الفکر الخرافي.
قد نشهد اختفاء او اضمحلال مجتمعات بكاملها، عبر ذوبان نخبتها المثقفة بالمسار التاريخي واضمحلال تدريجي لمن ارتبطوا بالماضي و تقيدوا بسلاسله … وليس مهماً لأي نوع بشري ينتمون !
في النهاية اريد ان اقول اننا في بداية عصر ما بعد القومية، تماماً کما … اننا في عصر ما بعد الرأسمالية
العصر الرأسمالي (البرجوازي) ساهم بتشکيل القوميات وتعميق ترابطها، الحلقات الضعيفة في تطورها الاقتصادي کانت ضعيفة في جوهرها القومي أيضا وما تزال.
من هنا نجد أن الهوية الدينية تجاوزت الانتماء القومي
وبالتالي أغرقت شعوبها بفکر معاد لأي تطور حضاري.
انتهاء العصر الرأسمالي سيضع القوميات على هامش التاريخ.
هذه الظاهرة بدأتها اوروبا، تاريخياً کانت أوروبا دائما في طليعة التحولات الکبرى في تاريخ البشرية تحولات (اجتماعية، قانونية، ثقافية، علمية .. الخ)، لذلك اوروبا تشکل اليوم الاتجاه الجديد الذي سيسود عالمنا في عصره ما بعد الرأسمالي!!.