مِمْنـــون العظيم

في العام 1260 قبل الميلاد نشبت حرب تاريخية بين الإغريق بقيادة (أخيل) و الطرواديين بقيادة (هيكتور) ، و استمرت لمدة عشرة سنوات،  و قد ذُكرت هذه الحرب في ملحمتي هوميروس الإلياذة و الأوديسة و اللتان تعتبران أهم المصادر لهذا المقال. حيث ذكر أن هيكتور ملك طروادة عندما اشتد به الحصار استنجد بالملك أو ربما الحاكم أو القائد العسكري النوبي (مِمْنون) و الذي على ما يبدو قد كان متزوجاً من أخت هيكتور ، أي صهره.

حرب طروادة :

ذكر في الإلياذة أن هيلين الفاتنة زوجة الملك العظيم منيلاس ملك اسبرطة،  وقعت في حب باريس نجل ملك طروادة التي كانت تنافس اسبرطة في الجاه و النفوذ، و حينما نفذت سهام كيوبيد بين الاثنين أثناء زيارة باريس لاسبرطة مبعوثاً من والده، تبلورت خطة اختطاف هيلين و اصطحابها إلى طروادة، و قد ذهبت معه مختارة طائعة بعد أن ربط الحب قلبيهما.

لم يقف الزوج المطعون الملك منيلاس ساكناً إزاء الإهانة البالغة التي لحقت به و بشعبه و بلاده، فحشد جيشاً عظيماً زحف به إلى طروادة عازماً على دك حصونها ورد الزوجة المخطوفة أو الهاربة، و قد تحالف معه في ذلك ملوك اليونان الذين عز عليهم ما حدث لصديقهم.

و زحف الجيش بقيادة أجاممنون ملك أرجوس و القائد العسكري العظيم و شقيق منيلاس ملك إسبرطة الجريح في كرامته، و وصل الجيش إلى سواحل طروادة و هاجم أسوارها وحصونها العتيدة، و اشتبك في معارك هائلة مع جيش إسبرطة عظيم العدد و العدة تحت قيادة هكتور بن بريام شقيق الخاطف باريس، و نشبت بين الفريقين مذابح رهيبة و نزال شرس واستمرت المعارك الطاحنة بدون توقف لمدة عشر سنوات دون حسم لصالح أي من الجانبين.

لوحة تخيلية تمثل الملك ممنون

الإستنجاد بجيش ممنون:

عندما اشتد الحصار على الطرواديين قام هيكتور بإرسال رسالة إلى ممنون يطلب منه المدد و الدعم ، فتحرك ممنون على رأس جيش عظيم من آلاف المحاربين من وادي النيل و عبروا البحر المتوسط حتى بلغوا طروادة ، عندما جاء ممنون فرح أهل طروادة و ارتفعت معنوياتهم ،و استطاع ممنون أن يضغط بجيشه على جيش أخيل حتى تراجع، بل انطلق و أغار على حكيم اليونان نسطور و قتل ابنه تلماخ و هدم قلاعهم في انتصار واضح و تجديد لعزيمة الطرواديين.

رسم على جرة يونانية توضح وصول ممنون إلى طروادة

كُتب عن ممنون أنه كان هو و هكتور من ضاها أخيل في القوة ،فبعد أن استنجد به أهل طروادة ، دافع عنها طوال سنوات الحرب الأخيرة و لم يرجع إلى كوش.

نهاية البطل:

استفزت انتصارات ممنون المتتالية أخيل أحد أعظم فرسان اليونان و قائد إحدى الجيوش التي تضرب الحصار على طروادة ،فطلب أخيل مبازرة الملك ممنون شخصياً و الذي لبى نداء النزال ، يحكى أنهما ظلا يتبارزان منذ ساعات الصباح الأولى حتى مغيب الشمس ، حيث استطاع أخيل تسديد طعنة قاتلة لممنون مع آخر شعاع من الشمس قبيل غروبها.

رسم على جرة يونانية توضح أسطورة قتل أخيل لممنون

و قد كتب هوميروس أن نهر بلاده العظيم  (نهر النيل) قد تحولت قطرات الماء فيه إلى دماء بموت المحارب النبيل ممنون الذي قتل في حرب طروادة على يد أخيل.

سقوط طروادة:

بعد مقتل ممنون استمر الحصار لفترة طويلة ،إذ لم يتمكن الإغريق من اقتحام حصون الطرواديين ، فتفتق ذهن أوديسيوس أحد قادة جيش إسبرطة عن حيلة ذكية تَمكن بها جيش الإغريق من اقتحام أسوار طروادة و إلحاق الهزيمة المريرة بجيشها، فقد صنع حصاناً عملاقاً من خشب السفن التي جاؤوا بها ،اختبأت في جوفه كتيبة من المحاربين الأشداء، و تركه عند أسوار طروادة متظاهراً بالهزيمة والفرار مع جيشه، و سرعان ما خرج الطرواديون لجمع الغنائم التي خلفها وراءه جيش اسبرطة، و توقفوا طويلاً أمام هذا الحصان الخشبي الضخم متسائلين عن أوجه الاستفادة به.

ثم قرروا مؤخراً الاحتفاظ به في مملكتهم كدليل و رمز على اندحار و هزيمة جيش أخيل أمامهم، و بالتالي أدخلوا الحصان إلى مدينتهم و أخذوا يحتفلون بانتصارهم و ناموا هانئين، و في جوف الليل خرج مقاتلي إسبرطة الأشداء المتربصين داخل هيكل الحصان، ليفاجئوا الطرواديين و يعملوا فيهم ذبحاً و قتلاً، ثم فتحوا أبواب المدينة و أعطوا جيشهم إشارة الهجوم من كل ناحية. لتكون نهاية طروادة وأهلها بسبب (حصان طروادة) الذي أصبح رمزاً للخديعة والحيلة على مر التاريخ.

تمثالي ممنون في مدينة الأقصر جنوبي مصر

 

Related posts

إشكالية إدارة التنوع الثقافي في السودان

الديمقراطية للديمقراطيين

جرائم عبر القرون ج (10)

1 تعليق

رقية عبدالقادر 2021-07-30 - 1:14 مساءً
جميل جداً.. وفقك الله دائماً
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...