موجز اليوم هو دعوة للتأمل أولاً، ثم العمل؛ والذي نستصحب فيه الإخلاص وحب الأرض، استلهاماً من أجدادنا بناة الحضارة الأولى في وادي النيل، سيراً على دربهم، واستكمالا لرسالتنا في إعمار الأرض بالعلم وصنوف الحضارة.
الآن وبعد أن استعرضنا أقدم وجود لبشر في وادي النيل وهو إنسان سنجة بوسط السودان والذي يعود إلى ما قبل 160,000 عام، وأقدم مستوطنة بشرية في وادي النيل وهي مستوطنة العفاص بشمال السودان والتي تعود إلى ماقبل 70,000 عام، وأقدم نقش حجري يصور مراكب متطورة نوعاً وتصميماً تدل على مدى حضارة إنسان المنطقة وتقدمه العلمي والهندسي والتي وجدت بقرية سبو بشمال السودان وترجع إلى ما قبل 10,000 عام ق.م.
ثم حضارة نبتة بلايا النوبية جنوب قرية قسطل ب 100كلم، والتي توجد بها أقدم ساعة فلكية بوادي النيل، والتي يرجع تاريخها إلى 7000 ق.م، والتي تتطابق مواقع ومسافات حجارتها بمواقع الإسقاط النجمي بدقة عالية وحساب دقيق لدرجة أذهلت العلماء عن مدى التطور الحضاري والعلمي لإنسان هذه المنطقة خصوصا في مجال الفلك والحساب، فإننا في موجز اليوم نقدم دعوة خالصة لشعبنا قاطبة، وإلى نخبنا التي هي في موقع المسئولية المباشرة عن تاريخنا التليد والعظيم، أن يوظفوا إمكانات وموارد الدولة في خدمة البحث العلمي، والتقصي التاريخي، لدراسة ما خفي عنا أو تم إخفاؤه عمدا عنا كشعب ودولة عظيمة ضاربة في قدم التاريخ بلواء هو لواء العلم والتحضر.
كما نقدم الدعوة أيضا إلى علماء الآثار حول العالم، ونخص منهم الملتزمين بالأمانة العلمية والنزاهة، ممن يعملون من أجل العلم والتأريخ حباً لا وظيفة، وإخلاصاً للحقيقة لا للمال، ندعوهم إلى المساهمة معنا بعلمهم وأدواتهم خدمة للبشرية والإنسانية جمعاء، ووفاءً وتقديراً وشكراً أيضا لإنسان المنطقة وتاريخه الذي قدم للبشرية الكثير، ومازال يقدم، وبمناسبة العيد نقول لكم كل عام وأنتم بخير، وكل عام وحضارتنا أيضا بخير، ودعواتنا لوطننا ومهد حضارتنا وادي النيل بمسمياته المختلفة عبر الحقب الزمنية أن يظل نبراساً حضارياً ومساهماً في تقدم العالم والإنسانية إلى ما شاء الله.