لن نواصل السير في هذه الحلقة إلى ما بعد أطلال كوبان التي وقفنا عندها، و تفحصنا ما بقي من أسوارها ؛ معبدها الملحق بالحصن، أطلالها القديمة الممتدة لآلاف الأجيال منجبة الأنجال، نتوقف الآن لنذكر بالأساس الأهم الذي قادنا لخوض هذا الغمار الشجي، والممتع، والممتنع عنا بما لحق مهده من مآسي.
يقول بعض الشعراء في ما يعنون ؛ لقد وقفنا على أطلال ليلى و بكينا عند حائط المحبوبة وما إلى ذلك مما جاش في قرارتهم وصميم عواطفهم، لكن أطلالنا التي نبكي عليها الآن هي مهد البشرية، مهد التقدم البشري الأول، نبكي على انتصار الغدر، و تقهقر الوفاء ، و استمرار الزيف والخداع، و التستر على تحريف الحقائق من هنا و هناك.
نعلم بوجود شرفاء شرفتهم القيم الإنسانية أولا، ثم شرفتهم المبادئ العلمية الحقة التي لم يحيدوا عنها، كأمثال شارلي بونيه، هيرمان بيل، و وليم آدمز و غيرهم، و نتشرف بكونهم جزءًا من الوعي الحديث بالحقائق التاريخية المضادة للتحريف، وجزءًا من الوفاء البشري لمهد العلوم الأولى، فلكيًا، رياضيًا، طبيا، أخلاقيًا، اجتماعيًا، و دينيًا.
رسالتنا الآن هي إلى كل أبناء الوطن، كونوا أوصياء على ما تملكون، شرفاء مع أنفسكم، محافظين على ما ظهر و ما بطن من مآثر و آثار و كنوز تجدونها بين أيديكم باختلاف الظروف، و اعلموا أن قيمتها ليست بما تزن من جرامات الذهب، بل بما تزن من أطنان العلوم التي أنتجت إتقانها، و اعلموا أن العلم بضاعة تحفظ ولا تباع.