بلغنا اليوم من التاريخ الثالث من مارس لعام 1813م، خرجنا في طريق يحاذي حرجا من النخيل وصفا من البيوت لم ينقطع لمسيرة ساعتين، ثم ألفينا صخورا رأسية تكتنف النهر حتى تلاصقه، وقد لمحت أسفل الجبل مدخل حجرة منحوتة في الصخر، على ارتفاع ستين أو ثمانين قدما، حيث لا يمكن للمرء بلوغها إلا إذا ارتقى سلما بذلك الارتفاع الهائل، مما يجعلنا حقا نرى كيف كان أسلاف النوبييون هؤلاء عظماء وأقوياء.
ثم بلغنا حصن أبريم بعد ساعتين ونصف، إلا أننا وجدناه خرابا يبابا، لأن المماليك كانوا قد اعتصموا به في العام الماضي، وفي غضون هذه العمليات الحربية ضربت أسوار الحصن بالمدافع التركية الثقيلة، ودك أيضا على إثرها الكثير من بيوت القرية دكا.
وعن قرية أبريم فإنها تقوم على ربوة صخرية منعزلة تشرف على النيل، وتحيط بها جبال جرداء لا تصلح لزرع ولا حرث، وعلى قمة هذه الجبال قباب لرجال صالحين وفدوا إلى القرية قديما يقال أنهم أتراك، أما بيوت القرية فمبنية من الحجر الرملي، وكذلك أيضا بني السور الحديث الذي يكتنف المدينة.
أما على الجانب الغربي فنجد أطلال تخلفت من السور الأثري القديم، والمبني بأحجار صغيرة منحوتة لحمت بغاية الدقة والعناية، في مهارة حضارية فائقة للنوبيين القدماء، وفي نطاق المدينة توجد خرائب بنائين من الأبنية العامة، يبدو أنهما لكنيستان إغريقيتان بنيتا على طراز السور القديم، أما عن حجم الحصن؛ فيدور المرء حوله في حوالي خمسة عشر دقيقة، ولم أجد من الآثار القديمة التي تبقت فيه سوى عمود صغير من الجرانيت الأشهب.