التريف: سأل بعض المتعلمون بل اعترض بعضهم بتقليل الأماكن المدعومة والمجانية في كلية غردون وكذلك الموظفون ما عدا أولئك الذين لهم مكانة بالوراثة، والسبب آخر وهو أن إقتراح اللجنة بنقل مدرسة تدريب المعلمين من الخرطوم زاد شكوكهم، حيث تمثل الخرطوم عاصمة الحضارة والتقدم بينما يمثل الريف التخلف، كما أن السياسة الجديدة بغيضة في دعم الحاكم الذين يتوارثون الحكم.
فقد تمت عملية الإنتقال وفق فلسفة وأهداف محددة فالسودان بلد ريفي، تحتاج أريافه إلى المعلم الذي يستطيع أن يتطوع بعلمه لتلبية حاجات الريف أولاً وتهيئة الريف للنهوض بالتعليم فيه، في حدود حاجات ذلِكَ الوقت. وبقيام بخت الرضا بدأ التعليم في السودان يأخذ شكلاً جديداً وأسس صحيحة في التربية. ذكر حسن محمد النعيم كان إنشاء معهد بخت الرضا أحد المعالم الرئيسية والمهمة في التطوير التربوي للسودان، لأنها جمعت منذ البداية بين مهمتين هما: الأولى قامت أساساً بديلاً لمدرسة المعلمين التابعة لكلية غردون.
الثانية : شعر القائمون على أمر تأسيسها بأن أمر التدريب لن يستقيم إلا إذا ارتبط بالمادة التي يدرسها المعلم، ولأول مرة في تاريخ السودان تصمم الكتب المدرسية لتلائم تلاميذ الريف. لم يشاور قريفث والحاكم العام المتعلمين السودانيين، حيث بدأت كلية المعلمين الجديدة ضد رغبتهم، وجاء الموظفون السودانيين من خلفيات غير مرحب بالإقتراح مما جعله صعباً لهم. وأن السبب الوحيد لنقل التلاميذ إلى هذه البقعة الجرداء هو حفظهم من التأثير السئ للمدينة ويرون ذلك سلباً. ذكر قريفث أنهم أخيراً أستقروا في مستعمراتهم الصغيرة الجرداء والمنع له التي تشبه القرية السودانية.
تمت مدرسة ابتدائية بلأولاد المحليين في الموقع، وكان بعض الأولاد من القرى في سكن الداخلي بدأ كبار المدرسين في المجئ لفترة شهرين من الفرق التجديديه وكانت كلية تدريس الأولاد من عمر١٣ إلى ٢٠ وكانوا يأتون من المدارس الأولية في الشمال و وسط السودان وهم الذين سيصبحون معلمي بخت الرضا الجدد.
قال قريفث أنه في بيئتهم قد يكتشفون وسائل لتحويل إهتمام تلاميذهم من التعليم الأكاديمي إلى الشؤون العلمية للحياة الريفية ومنحهم بعض المعرفة والمهارة في الحرف الريفية، أما بالنسبة لهيئة التدريس فقد كانوا محظوظين بأن يجدوا في البداية مفتشاً زراعياً رائعاً والذي سيصبح وزيراً لزراعة في السودان، والمساعدة المفتش كان هناك سودانيان ذوي خبرة زراعية وكان لأحدهما ميلاً طبعياً إلى الشؤون الريفية وكانت المشروعات العلمية من أوئل الأشياء تم فعلها في بخت الرضا، وهي موضوعات الدراسة والإنجاز يختارها الفصل بمعاونة المدرس وبعد ذلك يخطط لها وتدرس وتنفذ وتراجع من قبل الفصل ويساهم كل تلميذ بنصيبه في العمل، وقد يمنح الفصل أربع أو ست حصص في الإسبوع لتنفيذ مشروعه، وكانت المشاريع تقوم على نظام الري المحلي، وزراعة المسكيت لمنع الزحف الصحراوي.
أسرة معهد بخت الرضا : تتكون أسرة المعهد عند إنطلاقة من مستر قريفث (عميداً لمعهد ) وعبدالرحمن علي طه (نائباً للعميد ) ومكي عباس وعثمان محجوب ومحمد حسن عبدالله، وعبدالحكيم جميل، والنور إبراهيم، والشيخ مصطفى، وأحمد إبراهيم فزع، والشيخ محمد أحمد مختار، وأحمد ميرغني، والشيخ عبدالعزيز أحمد، ومستر قرنيلو (مدرس الفنون) أخيراً مستر بيكون (مدرس الزراعة).
أبرز شخصية سودانية في تاريخ المعهد(عبدالرحمن علي طه ): فيما يخص عبدالرحمن علي طه فقد ذكرت البروفيسور فدوى بأن الحاكم العام أجازه نائباً لعميد بخت الرضا ومشرفاً على تدريب المعلمين في يناير 1940م، ويبدو أن ترقيته إلى نائب العميد جاءت بعد إطمئنان مصلحة المعارف رؤيتها للنجاح الباهر الذي حققته بخت الرضا في مجال التعليم الأولى ومن ثم بدأ التفكير في إصلاح المرحلة الوسطى التي تلي المرحلة الأولية، وصدر قرار بتكليف بخت الرضا بهذه المهمة عام 1939م،ويذكر أن بعثة اللورد دي لاور قد إجتمعت بعبدالرحمن علي طه في بخت الرضا وأعجب أعضاؤها به، وقالوا إنه جدير بأن يكون أستاذاً في الجامعة وليس بحاجة إلى دراسة جامعية.