معهد بخت الرضا “١”

البدايات و التأسيس
يعد معهد بخت الرضا واحداً من الصروح التعليمية في السودان، حيث خرَّج أجيال بذلوا جهدهم لتطوير التعليم في السودان.
تأسس المعهد على يدي مستر قريفث عام1934، وذكرت فدوى عبدالرحمن علي طه في كتابها أستاذ الأجيال عبدالرحمن علي طه 1901_1969م بين التعليم والسياسة و أربجي،أن المذكرة التي قدمها (سكوت) مفتش عام التعليم في السودان، و جاء فيها عدد من المقترحات لإصلاح النظام التعليمي، وانتقد فيها أسلوب التحفيظ الموروث من الخلاوى، والسائد في المدارس الأولية والوسطى، وإقترح إنشاء كلية لتدريب معلمي المدارس الأولية، و يكون من ضمن إجراء دراسة من قبل تعليميين لهم معرفة كافة بالإسلام وتاريخ العرب والأدب والتقاليد، و إصلاح شروط خدمة المعلمين، وإنشاء مدرسة زراعية تشجع تشجع المزارعين السودانيين على تحسين وسائل الزراعة والإهتمام بتعليم الكبار من خلال المكتبات المتنقلة والسينما.

  إضافة إلى إعادة تنظيم إدارة التعليم بتقسيم الشمال إلى أربعة مناطق تخضع كل منطقة لمفتش يشرف على الأبحاث والإصلاحات.
وذكر قريفث في كتابه تجربة في التعليم أن كبير المفتشين (سكوت) نجح بإصراره الشديد على على توسيع إصلاحيات اللجنة لتشمل مسحاً للتعليم الأولى، كما ذكر أنهم كانوا غير متفائلين بالنتائج لأنه عندما كان ترييف التعليم يتوافق مع سياسات الحكومة، لم يكن هنالك مال لبناء كليات تدريب ريفية، وكان مشكوك فيه أن يتمكنوا من إقناع اللجنة بضرورة إدخال نص يقضي بإعادة تدريب المعلمين الموجودين، وتوفير معلمين إضافيين للعمل التجريبي وزيادة المفتشين، لكن وبدون هذه الإجراءات فإن الإنتاج السنوي للمعلمين(الريفيين ) لشباب ستكون فعاليته مثل قطرة ماء تتلاشى أسفل شقوق ضخمة في التربة الطينية السوداء.
يقول الكاتب محمد عمر البشير أن اللجنة التي كونها الحاكم العام لدراسة نظام التعليم في مستوياته الدنيا، وكانت إنتصاراً للدعاة الإصلاح مثل سكوت، ويشير إلى أن الدراسة الأولية لم توفر نوع التعليم المناسب لإحتياجات أبناء القرى والمدن الذين سيقضون حياتهم في شغل وظائف اعتيادية، كما أن نظام مستوى التعليم في المدارس ليس عالياً بالمستوى الذي يزود المدارس الوسطى بالنوعية الجيدة من التلاميذ.
   بعد ستة أشهر من مذكرة سكوت، عين مجلس الحاكم العام لجنة للنظر في النظام التعليمي في شمال السودان.
وبالفعل تكونت اللجنة برئاسة (ونتر) مدير مصلحة المعارف (هارلدماكمايكل) السكرتير الإداري، وعضوية (فاس ) وماكرينر، وعين قريفث سكرتيراً لها، ورأت اللجنة أن الكتاب يعتبر أهم مدرسة في القطر، والأساس الذي ينبني عليه بقية النظام التعليمي وأنه حجر الزاوية في الإصلاح، و، ووجود معلمين مقتدريين.
كما أن مدرسة التدريب الموجودة حالياً في الخرطوم غير مقنعة فخريجوها لابد أن يتدربوا في البيئة الريفية التي سيعملون فيه لاحقاً.
ويواصل قريفث في روايته أنه بعد شتاء من المداولات خلال أسوأ فترات الأزمة الإقتصادية . وأوصت اللجنة على نحو مدهش بقبول كل المقترحات الخاصة بكلية التدريب الجديدة، وتحسين أوضاع معلمي المرحلة الأولية وإدخالهم في الخدمة الماشية، وإخلاء سبيل مفتش مركز من مديرية أو مجموعة من المديريات، يتم اختياره بعناية ليصبح ضابط التعليم، وبما أن اللجنة كانت تتكون من رؤساء الحكومة فقد قبلت الحكومة دون أن يكون هناك مدعاة للدهشة هذه التوصيات مع في النفقات الذي إدخل على جميع مصالح الحكومة.
ولتحقيق ذلك اقترح إنشاء كلية لتدريب معلمي المدارس الأولية تكون أهدافها إتاحة تعليم فوق أولى؛ تكون مدته خمس سنوات، على أن تكرس السنة الأخير في التدريب الميداني، وتوفير دورس باللغة الإنجليزية، وتنظيم فرق جديدة للمدرسين، وإيجاد فرص للعمل اليدوي والتدريب الزراعي لما أوصت اللجنة بأن تبنى كلية في منطقة ريفية ومن مواد محلية وتصميم نموذجاً لقرى ومنازل أهليه.
وذكر قريفث عندما قامت الحكومة بتحسين وضع معلمي المرحلة الأولية، وترشيح ضباط تعليم في المديريات تم تعيينه كأول عميد لكلية تدريب المعلمين الريفية الجديدة بواسطة مدير المعارف، حيث بدأ مع أعضاء آخرين في مصلحة المهمة والمخيفة في آن واحد التي تقضي بتطبيق فكرتهم على أرض الواقع، وأن القلعة التي  أنزلها على أرض الواقع في وقت شدة إقتصادية إستثنائية منازل قليلة من الطوب المحروق لكن سمحت الخطط بتطورات لاحقة.
وبعد أن اجازت الحكومة البريطانية التقرير، فتحت مدرسة جديدة للتدريب بالقرب من الدويم في محافظة النيل الأبيض في سبتمبر 1934م.
ونقلت مدرسة تدريب مدرسي المرحلة الأولية (العرفاء) من الخرطوم إلى بخت الرضا، وعين قريفث عميداً للمدرسة الجديدة، وسرعان ما أصبحت بخت الرضا النبض الأساسي للإبتكار التعليمي في السودان.
وأُختيرت الدويم مقراً للمعهد للأسباب التالية :
أولاً :كان بها مشروع لتدريب تلاميذ المدارس الأولية على حرف الزراعة في مشاريع الطلبات، وكانت تحت إشراف الضابط الزراعي.
ثانياً :كان هنالك داخلية صغيرة يسكن بها عدد من أبناء شيوخ القبائل بمدرسة الدويم.
ثالثاً :أبدت الإدارة في الدويم حماساً ورغبةً لجعل التعليم الأولى ريفياً واستعدادها للمساهمة في نفقات المباني، إضافة إلى وفرة العمالة المجانية من المساجين في سجن الدويم.
أختيرت الدويم مقراً للمعهد ليطابق الأهداف الأساسية والفلسفة التربوية للمعهد؛ وهي التركيز على النهوض بالريف، وتطوير الحياة التقليدية لسكان الريف الذي يشكل 80%من سكان السودان لذا أقيم المعهد في منطقة وعرة تمتلئ بالأوحال والأفاعى في موسم الأمطار، وخاصة مساكن وداخليات الطلاب قطاطي من القش، والقصب كسائر المنازل في الأرياف.

Related posts

متحف محمد نور هداب

المواجهة المتأخرة بين الواقع التاريخي والتزوير الحديث

مدينة قيسان

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...