معهد بخت الرضا “الجزء الأخير “. شهدت الفترة من عام 1934_1950م عملاً مكثفاً ومتسعاً في مجال المناهج. فقد أعد ما يزيد عن مائة وعشرين من كتاب وكتيب للمدارس الأولية، وفي تأليف الكتب ثمانية وثمانون فرداً معظمهم من مدرسي المدارس الوسطى ومدرسي المدراس الأولية ورؤساء الشعب السودانيين والبريطانين والمصريين؛ بالإضافة إلى عدد من الطلبة الدارسين بالمعهد وأشخاص آخرون من مجالات أخرى. وكانت الكتب الدراسية تجرب لمعرفة ملائمة الدروس لمستوى التلاميذ، وحاجاتهم وإستعداداتهم. وكانت تستمر سنتين أو أكثر. فالكتاب يكتب ثم يجرب في فصل من الفصول ثم يعدل، ثم يجرب سنة أخرى وأحياناً يجرب ثالثة، كما أن طريقة تدريس الكتاب تجرب في إحدى فرق تدريب المدرسين وتكتب النقاط التي تحتاج إلى مزيد من الشرح مرة ثانية في المرشد ثم تتداول الكتب بين الأساتذة للتعليق عليها من وجهات النظر المختلفة في مختلف العلوم. ثم بعد ذلك يكتب باللغتين العربية والإنجليزية ثم يدفع به إلى المطبعة.
كما كان الكتاب فيما بعد أوقبل إرساله إلى المطبعة يرسل إلى عدد من المدارس في مناطق السودان المختلفة للتجربة كما يعرض على مفتشي التعليم، ويستفاد من التغذية الراجعة من تلك الجهات. وبعد نجاح المعهد في تطوير مناهج المرحلة الأولية اقتحم مجال تطوير مناهج التعليم المتوسط بعد قيام كلية المعلمين الوسطى 1949م، حيث كونت لجنة إصلاح مناهج التعليم الأوسط، وأجريت التوصيات التي خرجت بها وشرع في تأليف كتب المرحلة وفقاً لمقدراتها وفي عام 1970 عندما طبق السلم التعليمي الجديد حولت مسؤولية تطوير المناهج وإعداد الكتب من بخت الرضا إلى رئاسة وزارة التربية والتعليم بالخرطوم؛ ولكن مالبث هذه المسؤوليات إلى بخت الرضا مرة أخرى على ضوء توصيات لجنة توظيف بخت الرضا ومؤتمر المناهج ببخت الرضا 1973م وأصبح المعهد مسؤولاً عن تطوير المناهج، ووضع الكتب بجميع مراحل التعليم العام. وبعد أن أصبحت الاستراتيجية العامة للمناهج الدراسية لكل مراحل التعليم العام ومعاهد إعداد المعلمين.
وتقوم الشعب المتخصصة بكتابة المادة الدراسية وتجربتها، وإعداد كتب المعلمين، وإخراجها من ناحية الفنية. فقد كانت بخت الرضا بوتقة على انصهار أبناء السودان على إختلاف مشاربهم وألوانهم منهم من إحتل أرفع المناصب مثل الأستاذ محمد أحمد محجوب (رئيس الوزراء )، و لوبجي أروك (عضو مجلس السيادة )، ونصرالدين الحاج علي (مدير جامعة الخرطوم ) الأسبق، والمجال الدبلوماسي جمال محمد أحمد، ومن أبرز العلماء والمفكرين البروفيسور عبدالله الطيب، وأول مدير المسرح القومي السوداني الفكي عبدالرحمن، ومن أشهر الشعراء إدريس محمد جماع. وكثيرون غيرهم لا تتسع السطور لذكرهم لا يقلون إبداعاً عمن ذكروا، وكانوا خير رسل وسفراء لبلدهم. لما تميزو به من كفاءة وإقتدار، وسمو في الأخلاق، والجدية في العمل.
إن الأهداف التي قام من أجلها المعهد أدت لرفع مستوى المعلمين أكاديمياً وفنياً، ورفعت الروح المعنوية لدى المعلم وزودته بخبرات ساعدت على تحسين أدائه، وإدخال الفنون، والتربية، والذوق الفني عند التلاميذ منذ المرحلة الأولية. إهتمت بخت الرضا في مناهجها بتنمية الصفات الإنسانية لأنه من المعلوم أن هذه التنمية أوالتربية لا تتم بالخطب والمواعظ والكلام؛ إنما تتطلب منهاج تعتمد على التجزئة والممارسة والتشريد، وأن رجال التربية في بخت الرضا قد تنبهوا إلى ذلك فهيأوا للبلاد مجمعاً مصغراً للمجتمع الكبير.