مسلسل Black Mirror – مراجعة حلقة Be Right Back

لطالما كان الإنسان يبحث عن الخلود، فكرة الموت والرحيل تُرعب الجميع، لذلك لا غرابة في أن نستخدم التكنولوجيا لمساعدتنا في أن نظل خالدين للأبد وسط أحبائنا .
ما الذي يجعلنا بشراً ويشكل جوهر الأشخاص الذين نحبهم؟

( Be Right Back)

حلقة (المرآة السوداء) التي جاءت بعنوان (Be right Back) تدور احداثها حول فكرة أنه يمكن للذكاء الإصطناعي أن يحل محل الشخص المتوفي، بناءً على بياناته الموجودة على الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي وتفاعلاته، فكل ما عليك فعله هو أن تقوم بتحميل ‏الصور ومقاطع الفيديو لقاعدة بيانات البرنامج، بعدها يمكنك التواصل بالرسائل وعبر الهاتف مع هذا الشخص، بنفس نبرة صوته وإنفعالاته بالإضافة إلى أنه يمكنك أن تطلب عبر الإنترنت المنتج التالي لخدماتهم، جسد بشري إصطناعي يمكن تحميل البرنامج عليه يشبه هذا الجسد الإصطناعي الشخص المتوفي تماماً بنفس سلوكياته وتصرفاته على الإنترنت ، ويمكنه تلبية الإحتياجات النفسية وكذلك الجنسية إذا لم يكن متحفظاً عليها عبر الإنترنت.
عرضت الحلقة نواحي الحزن العميق الذي يصيب أقارب المتوفي، ذكرياته التي يتركها في كل مكان، الشوق لسماع صوته وتعليقه حول أمر ما .. رؤيته، التوق إلى إخباره بشيء يفرحه، ثم بعدها عرضت لنا كيف يمكن للذكاء الإصطناعي أن يساعد في هذا الأمر ، مراسلة الشخص.. التحدث إليه وتحسسه والجلوس بجانبه .


‏ في الواقع هناك مواقع إلكترونية تسمح للأشخاص بإستخدام تقنية شبيهة، تساعد الأشخاص الذين رحلوا أن يظلوا خالدين عبر الإنترنت، أولهما موقع يعمل على تقديم نسخة موازية تقنية بمجرد تسجيل وفاة الشخص، حيث أن الموقع -باختيار من المستخدم- يدخل إليه عبر حسابه على الفيسبوك، ليحصل على كل بياناته، وكل ما نشره طوال مدة إستخدامه، ليبدأ في تحليل البيانات كافة، بإستخدام الذكاء الإصطناعي، ويعاود النشر مرة أخرى بالصورة المنتظمة نفسها بعد وفاة صاحب الحساب.
لكن الأمر لم يتوقف هنا، فقد أطلقت شركة «Humai» التقنية الواقعة في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، تطبيقاً للتحدث مع الأمهات بعد رحيلهم، والذي يعمل عبر الذكاء الإصطناعي، فبعد جمع المعلومات الكافية عن طرق التحدث والتفكير عبر تحليل البيانات يبدأ في تبادل الأحاديث مع المستخدم بصفته الشخص المتوفى، لكن التطبيق وبحسب ما أعلنت الشركة ليس بالتطور الكافي حتى الأن ليقدم الفكرة بصورتها الأكثر دقة وتطوراً.

كل هذا شيء مفيد وقد يقلل من وطأة الحزن ويملأ الفراغ الكبير الذي يتركه من رحلوا.

وكعادة كل حلقات هذا المسلسل فلابد أن يظهر لنا الجانب السلبي للتقنية وهنا تكمُن المشكلة في أن معظم الأشخاص مثاليون ويتصرفون بغير تفكير أحياناً في مواقع التواصل الإجتماعي، إنهم على غير حقيقتهم ليس كما في الواقع، لذلك فإنك عندما تجلب هذا الشخص فأنت تأتي بشخصيته الإفتراضية التي صنعها هو لنفسه على الإنترنت التي لا يمكن أن تضيف إليها جديد، لا يمكن أن يبدي تفاعل حول أمر لم يجربه او مشاعر لم يشاركها كلمات لم يقلها، ببساطة سوف تأتي بروبوت ببرمجة مثاليه ممله، لأن الذكاء الإصطناعي يستخدم التحديثات التي تنشرها والأشياء التي تعجبك ويعكسها على شخصيتك المناظرة، إلى أي مدى تريد أن تكون مع الناس ومدى ثقتك، وإستقرارك العاطفي وفضولك، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أيضاً أن تتنبأ ببعض الأشياء من خلال ملفك الشخصي مثل سلوكياتك و إهتماماتك و الأشخاص الذين ترغب في رؤيتهم.
كما ان أفعالك في الماضي ليست دائمًا مؤشر لقياس لما ستفعله في المستقبل ، أفعالك عبارة عن فوضى معقدة لما تعلمته وما تشعر به وما يحدث من حولك، لا يمكن لملفك الشخصي على الإنترنت الوصول إلى كل تلك البيانات أو على الأقل ليس حتى الوقت الحالي .

Related posts

السينما الإيرانية ما بين مطرقة ضعف الإمكانيات وسندان القيود الرقابية

قراءة في ترشيحات أوسكار 2022

مسلسل تشيرنوبل

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...