السودان يزخر بكنوز أثرية تمثل حضارة قديمة متكاملة الأركان، إحدى الحقائق الآثارية المثيرة للاهتمام هي أن منطقة مروي في السودان، تضم أهرامات أكثر مما هو موجود في مصر.
وهذا من شأنه أن يشكل تجربة فريدة من نوعها للسواح، لاستكشاف الكنوز الأثرية في هذه البلاد. والقليل من السواح الذي يشقون طريقهم إلى منطقة مروي ينتقدون الحكومة السودانية، لعجزها عن استغلال هذه الإمكانات الأثرية الرائعة، لجذب السواح إلى هذه المنطقة من افريقيا.
وأول ما يميز هذه الحضارة هو جبل البركل الذي أصبح معلماً تراثياً وسياحياً، وهذا الجبل يتميز بأرتفاعه العالي، و تتستع مساحة قمته لأربعة ملاعب كرة قدم، و الذي يمكنك من قمته مشاهدة الإلتواءات النيلية التي لا يمكن رؤيتها إلا من هذا الارتفاع وهذا المكان، وهذه الإلتواءات تبدو في شكل ثعبان حين يزحف، ويوجد بهذا الجبل جانب رملي تلعب عليه لعبة التزحلق كما به عدد من المعابد و القصور النوبية.
مدافن الكرو
وما ذكرت منطقة الكرو وإلا ذكرت المدافن الملكية، وهي منطقة عبارة مجمع لقبور أو مدافن ملوك المملكة الكوشية، حيث يتواجد هنالك مدفن الملك تانوت آمون وهو آخر ملوك الأسرة الخامسة والعشرون التى حكمت المملكة الكوشية.
كما يوجد مدفن كبير جداً تقول الروايات أنه أحد تجار وكبار شخصيات ذلك العصر ولم يتعرف عليه أحد حتى الآن ولا البعثة الإيطالية التي نقبت كثيرا من تلك المدافن.
وترامت الشكوك كثيراً في هذه المنطقة بشكل مدافنها البدائي الذي إن دلّ يدل على أن السودان أصل للحضارة إذ تجد شكل المدافن بدائي جداً ولا يوحي بأن هنالك تطور كبير إلا في بعض المدافن التي تعتبر استحدثت فيها طريقة الدفن والشكل الهندسي للمدفن وعمقه الذي يتراوح ما بين الثمان عشر متراً وعشرون متراً .
الكنيسة
وبالقرب من تلك المدافن توجد كنسية تعد هي المكان الذي تمارس فيه الطقوس الجنائزية للملك أو الملكة وتجهيزه كما ينبغي ومن بعد ذلك يذهب به إلى المدفن لدفنه.
وفي منتصف القرن السادس قبل الميلاد، أصبحت منطقة مروى والكرو المدينة المركزية لأسرة كوش النوبية الحاكمة، وهم “الفراعنة السود” الذين حكموا مصر و السودان ، ويعتقد مؤرخون ان حكمهم امتد حتى فلسطين.
كان النوبيون منافسين في أوقات، وحلفاء في أوقات أخرى، لقدماء المصريين، وتبنوا العديد من طقوسهم، بما في ذلك دفن الملوك والملكات والنبلاء في الاهرامات. وقد تم اكتشاف أكثر من 200 من الأهرامات في مروي وحولها. الكثير منها تعرض لهدم قممه من قبل المستكشف الإيطالي والباحث عن الكنوز الأثرية في القرن التاسع عشر، جوزيبي فريليني.
وأخيرا، أصبحت هذه الأهرامات في عام 2011، جزءا من مواقع التراث الإنساني المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونسكو). وتبدو هذه الأهرامات أكثر قتامة في اللون من شبيهاتها التي تبعد عنها 800 ميل إلى الشمال في منطقة الجيزة بمصر، وذلك بسبب الصخور الغنية بالحديد هنا والتي بنيت منها الاهرامات. وأصبحت مروي في وقت لاحق مركزا لإنتاج الحديد، وصار يطلق عليه “برمنغهام أفريقيا” – في اشارة الى منطقة برمنغهام في بريطانيا المشهورة بإنتاج الحديد. هذه الأهرامات أصغر حجماً، وأقل ازدحامًا، من أهرامات الجيزة، ويقل فيها المرشدون السياحيون. ويقول أحد بائعي التذاكر في موقع أثري في مروي إنه عادة ما يستقبل نحو 10 زوار يوميا، وهذا يعني أن هناك احتمالات استكشاف السواح لهذه المناطق وحدهم.
نائب رئيس البعثة والقنصل العام في السفارة البريطانية لدى السودان، ديفيد بيلغروف، يحب كثيرا الذهاب للتخييم هناك، وصادف عدد قليل من السياح الألمان واليابانيين، لكنه لم يصادف بريطانيين أبدا، يقول : “أتذكر بوضوح أول مرة شاهدت فيها المنطقة”، ويضيف “وصلنا ليلا، وعند الصباح شاهدت أشعة الشمس تسقط على الأهرامات، وشعرت بأني محظوظ جداً أن أشاهد كل ذلك بنفسي، إنه منظر لا يعلى عليه أي شيء آخر”، ويقول “هناك الكثير من المواقع في السودان تخفي تحتها أسرار كبيرة، وغالبا ما تكون هناك فرق أثرية تشرح لك ما يجري، تاريخ الحضارات هنا يعود إلى آلاف السنين، ولكن الكثير من السودانيين أنفسهم ليسوا على علم به.
تبذل الجهات ذات الاختصاص جهوداً ضئيلة لتعزيز هذا التراث، ويعود ذلك جزئياً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد. لكن بعض علماء الآثار يعتقدون أن هناك أيضا سبب أيديولوجي، يتمثل في أن “السياسيين (الاسلاميين) أغبياء لانهم ينظرون الى الآثار نظرة مختلفة” كما يقول أحد علماء الآثار إنهم يعتقدون أيضا أن جميع الأجانب جواسيس .