مابين شاوشانك وجلبوع وقصة الهروب الملحمية

التاريخ: صباح الأثنين الموافق7 سبتمبر 2021، المكان: خارج أسوار سجن جلبوع الأسرائيلي شديد الحراسة، المشهد: مجموعة من قوات الإحتلال يحدقون بذهول وحيرة على فتحة نفق لا يتعدى طوله الأربعة أمتار خارج المنطقة المحيطة بالسجن محاولين أن يستوعبوا كيف تمكن 6 أسرى فلسطينين من أن يشقوا طريقهم عبر تلك الفتحة وعبر تلك الممرات الضيقة أسفل السجن، وكيف إستطاعوا أن يهربوا من سجن يُصنف بأنه من أكثر السجون تحصيناً.

قصة هروب الأسرى الفلسطينين من سجن جلبوع الأسرائيلي شديد الحراسة أعادت للأذهان قصة هروب “آندي دوفرين” خارج أسوار سجن شاوشانك في الفيلم الدرامي الشهير “الخلاص من شاوشانك” “The Shawshank Redemption” للمخرج الإيطالي “فرانك درابونت” من نص مقتبس للكاتب الأمريكي “ستيفن كينج ” بعنوان “ريتا هيوارث والخلاص من شاوشانك” “Rita Hayworth and Shawshank Redemption”.

هنالك عدة أوجه تشابه بين القصتين، ف “آندي” متهم بجريمة لم يرتكبها، محكوم عليه بالمؤبد بتهمة قتل زوجته وعشيقها، أما الأسرى الفلسطينين فإن جريمتهم الشنعاء والتي من أجلها حُكم عليهم بالمؤبد، فهي إستماتتهم في الدفاع عن وطنهم ضد الإحتلال.

إذاً لدينا هنا أشخاص أبرياء محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، وقعوا في قبضة نظام لا يرحم، فشاوشانك كان مثالاً للنظام الذي لا يُقهر، ببواباته المنيعة وأسواره المحصنة، وكذلك كان سجن جلبوع والذي ظلت حكومة الإحتلال تتفاخر بمدى تحصينه وعدم إمكانية الهروب منه، ليتمكن 6 أسرى فلسطينين لا حول لهم ولا قوة وبإبسط المعدات من إختراق هذا الحصن المنيع.

سجن جلبوع الأسرائيلي

الرمزية التي يمثلها كلاً من شاوشانك وجلبوع كأنظمة إستعمارية قمعية، سلبت من كلاً من “آندي” والأسرى حريتهم وحياتهم في سبيل إستمراريتها، ظهرت أيضاً في التماثل بين لحظتي إكتشاف الهروب، بين تعابير وجه مدير سجن شاوشانك وهو ينظر بذهول لفتحة هروب “آندي”، وايضاً نظرة الحيرة التى أرتسمت على وجه الضابط الأسرائيلي أمام فتحة هروب السجناء الفلسطينين، وتعبير العجز الذي علا وجهيهما، والذي يدل على فشل هاتين المنظومتين، ويؤكد أنه لا يوجد نظام، ومهما بلغت قوته وإستبداده يمكنه الوقوف أمام شخص يحمل بداخله قضية يؤمن بها ويكافح من أجلها لآخر لحظة في حياته.

تلك الفتحة كانت هي بوابة الحرية والخلاص لكلاً من “آندي” والأسرى الفلسطينين، الحرية بعيدأ عن أغلال الظلم والإستبداد، والخلاص من قبضة نظام جائر.

وكانت الحرية وكان الخلاص ….

،،،لا تستسلم أبداً وتمسك بتلك النسبة الضئيلة من الأمل بداخلك،،،،

لم يستسلم “آندي” أبداً طوال ال20 عاماً التي قضاها خلف أسوار شاوشانك ولم يتخلى عن فكرة الهروب، فهي كانت الدافع الذي ظل يعيش من أجله ويتحمل في سبيله كل المآسي والظلم الذي واجهه داخل السجن.

فذلك الدافع هو ماجعل “آندي” يتمسك بأمل خلاصه طوال تلك الفترة، وكذلك كان سداسي سجن جلبوع ينتظرون ويكافحون طوال أعوام عدة قضوها داخل أسوار السجن في سبيل الوصول إلى غايتهم ونيل حريتهم.

“الأمل شئ جيد ومن الممكن أن يكون من أفضل الأشياء، والشئ الجيد لايموت ابداً”

“إقتباس من الفيلم”

التمسك بالأمل وعدم الإستسلام لسجن اليأس هو الدافع الذي يجعلنا نكافح في سبيل تحقيق مرادنا ونيل غايتنا.

“آندي” أنتصر لأمله، وصل إلى شاطئ حريته وحقق حلمه، أما الأسرى الفلسطينين فإن مصيرهم مازال مجهولاً حتى الأن، هل سينعمون بظلال حريتهم أم أن يد الإحتلال ستقتنصهم مرة آُخرى.

Related posts

الكوليرا حيث الماء سر الحياة وسر الموت

آلام مخفية

أمراض البنية التحتية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...