اكتشف نفسك ثم اكتشف نفسك مجدداً، لا تسبح في نفس المستنقع، وابتعد عن القوى التي تجرك لكي تكون عادياً… اكتشف نفسك ثم اكتشف نفسك مجدداً، غيّر نبرتك ومظهرك باعتياد، بحيث لن يكون باستطاعتهم تصنيفك، جدد نفسك واقبل بما هو كائن، لكن بحسب الشروط التي وضعتها وأعدت وضعها، كن معلماً لنفسك وجدد حياتك لأن هذا واجبك، هذه حياتك وتاريخها والحاضر ملكك أنت وحدك.
(تشارلز بوكوفسكي)
مهما كنت إنساناً ساعياً وطموحاً فهذا لا يكفي إن لم تتحدى الزمن، لأنه الشي الوحيد القادر على أن يسرقنا ويسبقنا ويجعلنا نقف في نهاية المطاف متفاجئين و متعجبين وكأننا نعلم للمرة الأولى أن الوقت يمضي ولم يُخلق لينتظرنا.
حين نقف ونتأمل في جوانب التجارب التي آذتنا أو أسعدتنا، نُوقن ان الحياة مدرسة لا نهائية السنوات ونحن نتعلم منها كتلاميذ ونأخذ منها عبرة وفائدة في كل مرحلة، نتعلم فيها بشكل مستمر بدون توقف، لكن الفرق فيها اننا لا نضع الشهادة كغاية لأن الشهادة الحقيقية التي ستطبع لنا في يوم التخرج ماهي إلا شهادة وفاة ولن يبقى بعدها إلا ملخص مسيرتنا وأعمالنا.
مرت سنة… احتشد بالتحديات والمواقف بالتجارب والفرص، وحان الوقت لندون قصتها ونرتب صفحاتها ونعرضها على رفوف التاريخ، البعض اعتبروها شوكة حادة في أعناق البشر، والبعض الآخر اعتبروها لطف رباني علمنا ودرسنا أشياء كثيرة ويفتح أعيننا لننظر للحياة كما يجب.
تتكرر علينا جملة الواقع مر الواقع سيء الواقع لا يشبه الأمنيات، نعم لا نختلف الواقع فعلا مر؛ إذا استسلمنا لمرارته، الواقع فعلا سيء؛ إذا كنا راضين وخاضعين لما فيه من سوء، لكن إذا لم نستسلم لمرارته وأسوأ ما فيه وحاولنا التغيير والتبديل قدر ما نستطيع، وهدمنا الأسوار والحواجز التي كانت تمنعنا من الوصول إلى ما نحلم به، ونبني دربنا الذي يليق بنا وبمسيرتنا، سنصف واقعنا بعكس ما يصفه الناس عن واقعهم، القليل من التفاؤل والأمل والعمل كفيل بتحقيق مسار الواقع الذي نختاره لأنفسنا.
أن تتعلم من أخطاءك وتتصالح مع ذاتك بخصوص كل ما مررت به هو العلاج، العلاج أن تعي وتؤمن أن ما فات لن يتغير لذا فكر باليوم واللحظة التي تعيشها الآن واطوي صفحاتك القديمة، لكن ليس قبل أن تخرج بفائدة منها حتى لا تتكرر معك بطريقة أو بأخرى.
كثيراً حين نبدأ مشواراً جديداً مبني على التعلم من الماضي تلاحقنا ذكريات تدفعنا لنستمر بنفس الوحل، يجب أن نحذر منها… ولا تقتني عادة الندم على الإختيارات حتى إن لم تكن صائبة، كلنا نخطئ والخطأ جزء من حياة الإنسان.
إن تتابع الخطوات وسيل التفكير هو ما يحقق لنا ما نريد، فترة الجفاف… فترة تساقط الأفكار الإبداعية من شجرة عقولنا…علينا أن نصبر على هذه المراحل لنرى ربيعها، ونراقبها وهي تنمو وتزدهر، نحن أبناء الأرض ولنا فصول مثلها، كل ما علينا هو أن نتقبل مراحل التغيير.
إذا كنت ستحاول فاستمر على طول الطريق…
لأن التجارب أساس المحاولات
والمحاولات أعمدة للنجاحات
والكفاح والصمود صانع للمعجزات
والانهيارات والسقوط علامات أخرى للبدايات، لن نشعر باصرارها والمخفي منها إلا بعد عدة صراعات تلازمك وتهزم من عزيمتك فقط أكمل مشوارك، وحاول مره ومرتين وثلاث، وبالنسبة لمشاعرك تجاه أي شيء في الحياة عبر عنها ولا تؤجلها للحظة.
المفتاح دائماً بيدك لا تتحجج بالقدر فكر وستجد عدة خيارات، دروبنا مليئة بالحفر، لا تتراجع وتستسلم، إفهم الأسباب من أول صغيرة لآخر كبيرة، وأعد المحاولة لكن يبقى الوعد أن لا تكرر نفس الغلطة.
أحداث الحياة واختياراتنا كلها خير، الخلافات بكل اشكالها محطات، طبيعي نُواجهها في طريق الحياة، وبالأخير كلها خيرة بنحسها في اللحظة الأخيرة.
هنا أذكر أبيات نُسبت للمتنبي يقول فيها: (تجري الرياح كما تجري سفينتنا.. نحن الرياح و نحن البحر و السفن ُ إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ.. يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجنُ فاقصد الى قمم الاشياءِ تدركها.. تجري الرياح كما رادت لها السفنُ).
مساحة أخيرة خاصة بأعضاء مجلة السودان…
تأملوا – كيف كان للجائحة أن تجمعنا جميعاً لنحافظ على أثرنا الإيجابي رغم الظروف؟
الفكرة أساس البداية وكل ما كان تفكيرنا واعي وناضج وفاهم وطموح، سيكون التطبيق سهلاً علينا بأرض الواقع، وتبقى ذكريات البدايات ونستمر معاً على أجمل طريق.
مرت سنة من عُمر مشروع ثقافي عُصامي تجربة السنة الماضية أيقظتنا وعلمتنا، ويجب أن ندعمها بعام جديد بدأناه، لا نعلم عن أحداثه وما سيحدث فيه، لكن من باب التفاؤل نبني آمالنا في بدايته ونكمل ما بنيناه خلال السنة الماضية، والكرة في ملعبنا… فإن كان الكوب فارغ نستطيع أن نسكب فيه ما يناسبنا.
2 تعليقات